آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-04:02ص

( بضاعة الأمس وبضاعة اليوم)

الإثنين - 04 مارس 2024 - الساعة 10:03 م

الشيخ أحمد المريسي
بقلم: الشيخ أحمد المريسي
- ارشيف الكاتب




جلس إلى جواري وبدأ يتحدث معي وفي نبرات صوته وحركاته وتعبيرات وجهه وفي ملاحمه السخرية التي كانت باديه عليه وهو يحاول إخفائها عني وقد كانت ظاهرة بالنسبة لي ومنذ ان جلس إلى جواري وبدأ بحديثه معي  وبطريقته الفهلوية واساليبه الملتوية وحركاته البهلوانية وهذه هي عادته وطريقته وطبيعته منذ ان كنا في سن الشباب وايام المدرسة وفي الحافة لم تتغير صفاته وأساليبه لازال كما هو للأسف رغم كبر سنه
 طبعاً كنا كشباب من ابناء الحي نعرفه حق المعرفة وكنا نسميه القزيل القزيز وكان شخص غير محبوب وغير مرغوب وكان ثقيل دم ودامس ومضربه وعندما نكون مجتمعين كعادة شباب الحافة في اوقات العصرية او في المساء بعد اوقات العشاء او في اي مكان كنا فيه نلتقي ونتبادل الحديث فيما بيننا ونراه من بعيد وهو قادم يهرول و يهرع إلينا نغير الحديث ونحاول ان نتجنبه او نتركه ونترك المكان ونغادره ونمشي حتى نشعره أنه غير مرغوب فيه إلا انه دامس وثقيل دم مثل الدامر هكذا عرفناه منذ ان كنا في مرحلة الشباب ونحن وهو نسكن في حي واحد وبعدما تفرقنا وكلاً كانت له قبلته ووجهته وكلاً شق طريقه في دراسته وعمله وحياته المجتمعية والأسرية ولم نعد نلتقي إلا نادراً او بالصدفة او بالمناسبات المهم بادرني بذلك الحديث الممل واستعرض لي إنجازاته وصولاته وجولاته وقدراتها وعلاقاته المهمة مع شخصيات وقيادات ومسؤولين يلتقي ويجتمع بهم ويجلس معهم في اماكنهم ويخزن معهم في دواوينهم  منهم الوزير الفلاني الذي اصبح في جيب الشميز حقه والمحافظ الفلاني الذي صار خاتم في أصبعه الصغيرة والوكيل الذي اصبح يجره خلفه بخيط العنكبوت وواصل حديثه معي وانا استمع إليه بضيق ولكني حاولت اتحلى بالصبر وبالحكمة حتى يكمل حديثه حتى استطيع الرد عليه وانهي الموضوع معه قبل ان يرتفع عندي السكر والضغط والحموضة ويحصل مالا يحمد عقباه 
خلاصة الحديث انه يريد ان يوصل لي هذه الكلمتين انه شخصية واصلها ولها علاقاتها الواسعة وانه ممكن يوصلنا إلى اعلى المستويات بوساطة منه ويحل لي اي قضايا خاصة بي او بغيري يحلها وبطريقته السحرية قال لي الدنيا تغيرت يامريسي وانته مكانك متمسك بالقيم والمبادئ والأخلاق والمثل والشرف والأمانة شوف هذه بضاعتكم بضاعة قديمة مالها اي قيمة اليوم الناس قدهم فين واصبحوا فين وانته مكانك فين ولو سويت زي ما تسوي الناس كان قدك في اعلى درجات الوظيفة اقل شيء قدك نائب وزير او محافظ او قائد كبير ومعك من الاراضي والبنكنوت ولكنك نظام قديم وشوف بضاعة اليوم عيال صغار عيال اول امس قدهم في اعلى المراكز والرتب ولامعهم خبرة ولا كفاءة ولا اخلاق ولا دين ولا خوف من الله ولاقيم ولا مبادئ المهم يعرفوا يلعبوها صح ومع من يلعبوها تصور ان واحد من هولاء العويله اليوم يعملوا على ترتيب وضعه وزيرا للشاب والرياضة بدل نايف البكري والأخر يرتبوا له وضعه مديراً عام تنفيذي لصندوق النظافة بدل المهندس قائد راشد وترتيبات وتنسيقات في امكان ومواقع اخرى لأخرين وانت ماسك لي بالمبادئ والقيم والنزاهة والأخلاق وهذه المصطلحات التي لم تعد لها اي قيمة و هي بضاعة قديمة كاسدة وسوقها بوار والماشي هذه بضاعة مشي حالك ورتب امورك ووضعك وبعدين استغفر ربك وتوب إليه واعملك زيارة لبيت الله الحرام عمرة وحج والله غفور رحيم الناس ملكوا اراضي وعقارات وعمارات وفلل وحسابات في البنوك وسفريات إلى مختلف دول العالم وانت ساكن لك في حي شعبي عمرك كله وعيالك خريجين جامعات وقدهم متزوجين  ومعهم اولاد وجالسين عندك ومعك في نفس البيت ولا زالوا بلا وظائف ، ظلمت نفسك وظلمت عيالك معك بهذه المبادئ التي لم تعد لها أي قيمة غير في عقلك ولا حد داري بك ولا مقدر لك ذلك ويعتبروك رجل مش قادر يستوعب المرحلة والأحداث من حولك ولا قادر تتكيف بها وكل هذا كان حديثه معي وربما صدق في بعض كلامه وكذب وبالغ في مكان و قولاً اخر وكان ردي عليه مختصراً وفي كلمتين ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا مابأنفسهم وان الصابرين بشرهم الله بان موعدهم الجنة وبأن الدنيا فانية وهي دار عمل وهي ابتلاءات واختبارات وتمحيص وان الأخرة هي دار القرار وهي الجزء الاوفى عندالله وهذا ما نرجوه ونعمل من اجله ونسأل الله الثبات وحسن العمل وحسن الختام٠

#المريسي