آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-04:02ص

لغة لينين

الثلاثاء - 20 فبراير 2024 - الساعة 11:06 ص

محمد عبدالله الموس
بقلم: محمد عبدالله الموس
- ارشيف الكاتب




محمد عبدالله الموس

عندما كنت مع عدد من الزملاء في دورة استطلاعية في الاتحاد السوفيتي في ثمانينات القرن الماضي، وهي العشرية التي سقط في نهايتها سور برلين كبداية لسقوط القطب الآخر، الاتحاد السوفيتي، في النظام الدولي الذي كان يشكل عامل توازن بوصف التوازن ضرورة لأي مجتمع، صغيرا كان ام كبيرا.

خلال دورتنا الاستطلاعية تلك كان ضمن برنامج زيارتنا تلك هو زيارة جمهورية ليتوانيا وهي واحدة من جمهوريات الاتحاد السوفياتي آنذاك.

عندما كنا في بهو الفندق في العاصمة فينلوس كانت هناك موظفة ليتوانية تصطحب ابنتها الصغيرة وحين تبادلنا معهن السلام تحدثت الطفلة الصغيرة مع مرافقنا باللغة الروسية التي لم نكن نجيدها، ألتفت الينا وحدثنا باللغة العربية قائلا، (لن يمر وقت طويل حتى يتحدث كل العالم بلغة لينين).

نعترف اني وزملائي لم نهضم كلام الرجل فهو في الواقع ضرب من الخيال الواسع الذي لا يتقبله الواقع كما نعرفه، في محيطنا الصغير على الاقل.

من عاصر الفكر والحياة وحتى من قرأ عن الفكر الماركسي اللينيني قد يجد فيه كثير من صور العدل الاجتماعي لكن مشكلته الاساسية انه لم يسمح بالتنوع في كل شيء بما في ذلك التنوع الثقافي واللغة واحدة من اهم اعمدة الثقافة.

الناس غالبا تسعى الى العيش الكريم لكنها تختلف في وسائل الوصول اليه ولهذا تحسم الديمقراطية الغربية الاختلاف في الوسائل برأي الشارع من خلال الانتخابات، لكنها لا تعطي دول العالم الثالث هذا الحق، فإذا كان مرافقنا الروسي يحلم بأن يتحدث العالم لغة لينين فأن صانع السياسات الغربي يفرض على ثقافات اخرى انماط اجتماعية تنكرها دياناتها وثقافاتها ومنها المثلية الجنسية على سبيل المثال مما يخلق صراع ثقافات كما تنبأ به المفكر الامريكي صومائيل هنتجتون في كتابه (صدام الحضارات) وفصله المفكر الروسي اليكسندر دوجين حين قال ما معناه (لا يحق لاقلية غربية ان تفرض على الاكثرية العالمية ثقافتها ونمط عيشها).

التنوع نعمة إلهية أخبرنا عنها القرآن الكريم {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين} صدق الله العظيم، فالتنوع يمنع طغيان المستبد ويخلق التنافس للوصول إلى الافضل، فالثروات لا تحقق النهوض بدون الانسان، فهناك دول فيها ثروات ويعيش اهلها في قاع الفقر وهناك دول صنعت الرفاه لشعوبها بثرواتها وهناك دول لا تملك ثروات لكنها تسابق اقوى اقتصادات العالم.

الامر ليس صعبا بغض النظر ان كنت بلدا فقيرا او غنيا، الامر هو ان تطلق العنان للمجتمع وتحترم التنوع فيه وتصنع لوطنك مكانا يتيح له تحقيق مصالح شعبه واحترام مصالح الآخرين وفي تجارب الشعوب ما يغنينا عن تجريب المجرب.

عدن
٢٠ فبراير ٢٠٢٤م