آخر تحديث :السبت-23 نوفمبر 2024-10:41ص

القضاء كما لا يجب أن يكون! 2/4

السبت - 17 فبراير 2024 - الساعة 01:00 م
رواء عبدالله مجاهد

بقلم: رواء عبدالله مجاهد
- ارشيف الكاتب


2/ القضاء ما بين المفروض والواقع
في ظل ركود الحراك القضائي الفعّال شمالاً، ونكوص القضاة جنوباً، ظهرت نقابة الإداريين في الجنوب وأعلنت الإضراب الشامل باحثة عن الحقوق الضائعة.
هذا الإضراب يُعد بمثابة الشعلة التي أذابت الجبل الجليدي من الصمت ، إلا انه يؤخذ عليه أن نتائجه السلبية و المباشرة استهدفت المواطن البسيط الباحث عن العدالة ، و لم تستهدف القيادات القضائية التي صرفت الموازنة دون ترشيد أو توضيح ، فضلاً عن أن المطالب شابها الكثير من البنود المبالغ فيها . ضف إلى ذلك ان القيادات النقابية ذاتها منقسمة ، ففي الوقت الذي تبنت نقابة الإداريين ( المحاكم ) الإضراب ، و هي نقابة منتخبة ، ذهبت نقابة الإداريين ( النيابة ) و هي نقابة مستحدثة و غير منتخبة و خاضعة لمن أنشأها من القيادات إلى عدم الإنضمام لهم ، وتحججوا للتنصل من موقف النقابة بغياب أحد أعضاء النقابة بعينه عن حضور الاجتماعات ، متجاهلين أن الأساس القانوني لأي اجتماع نقابي تحدده اللوائح و الأنظمة التي يستند عليها الكيان ، و الذي يعد أهمها و ركنها الأساسي لانعقادها بل و من ابجدياتها هو تحقق النصاب في حضور الاعضاء من عدمه ، و ليس حضور عضو معين أو غيابه .
أما ما يحسب لموقف نقابة الاداريين ( المحاكم ) أنها شكلت نقطة فارقة في ظل موجة التبعية و الانهزامية التي عجز قضاة الميدان عن مناهضتها بأي وسيلة بما فيها عجزهم عن انتخاب كيان نقابي يمثلهم تمثيل حقيقي ، و وقفت نقابة الإداريين منفردة في وجه القيادات القضائية ، و أيضا في وجه رؤسائهم المباشرين من القضاة ، و الذي أستغرب من أسلوب بعضهم في التعامل مع الإداريين ، ففي الوقت الذي كانوا فيه نائمين في بيوتهم لمدة تقترب من العام و النصف خائفين من المدرعات و الأطقم الأمنية التي أُغلقت بها المقرات القضائية من قبل ، نجدهم يمارسوا عملية الاستقواء و الضغط على الموظف الاداري ، الذي لا حول له و لا قوة . فأين كانت عدالتكم و عنترياتكم يا فضيلة القضاة ؟ فالعدالة إن لم تكن ألف و تقف أمام القوي ابتداء قبل الضعيف فلا حاجة لها .
كذلك نجحت نقابة الإداريين و بامتياز في تسخير مبلغ المليار ريال المضاف لموازنة السلطة القضائية لمصلحة منتسبيها (قضائيين واداريين)، بدلاً من ذهابه في غياهب الجب.
لذلك أجد نفسي أقف محيية موقف الإداريين العُزّل من الدعم السياسي أمام القيادات القضائية ، فأحيي موقفهم الصارخ في وجه الظلم ، و إن كنت اختلف معهم كل الاختلاف في الوسيلة ، أي اتخاذ الاضراب كوسيلة للمطالبة .

إذن ما الذي يجب عمله؟
على النقابة أن تدرك أن موقفها أمام المواطن و الرأي العام أنهم يطالبون بزيادة مالية ، مما جعل وضعهم لا يستحق التعاطف ، فكل موظفين الدولة لم يحصلوا على زيادة ، و لا ريشة تعلو على رأس نقابة الإداريين ليختلفوا عن غيرهم من موظفين الدولة ، و السلطة التنفيذية الذي تتم مطالبتها لا يرتجى منها أن تقدس سلطة عن سائر الوطن . لذلك يجب أولاً التركيز على نقطة أن مساواة وضع منتسبي السلطة القضائية ببقية موظفين الدولة تأخذ حكم القياس مع الفارق ، ذلك لأن مطالبتهم لم تكن وليدة اللحظة ، بل كانت نتاج لمطالبات عديدة سابقة حظيت بوعود بتنفيذها ، و جاءت القيادات القضائية الحالية خلفاً للقيادات السابقة التي أُقيلت لأسباب أبرزها العبث بموازنة السلطة القضائية بوعود رنانة بتحسين وضع منتسبي السلطة القضائية ، و التي مالبثت هذه الوعود إلا أن أصبحت وعود عرقوبية كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء . و عادت الموازنة التي كانت منذ سنة ماضية يتم العبث بها إلى موازنة غير كافية . حتى ما تم صرفه من زيادة ابتداء كغلاء معيشة تم صرفها من حساب الأمانات ، أي أنها مبالغ تعد من مكتسبات المجلس السابق ، و لم يتم التقرير بزيادة فعلية كغلاء معيشة و بدل سكن و الحاقها بالراتب إلا بعد أن تم زيادة موازنة السلطة القضائية من السلطة التنفيذية بمليار إضافي مؤخراً . لذلك فإن مقارنة وضع منتسبي السلطة القضائية ببقية موظفين الدولة لا يأخذ حكم المساواة ، هذا أولاً .
ثانياً .. إن قيادات مجلس القضاء الأعلى بحثت عن مصلحتها الخاصة ، و تتباهى بأفخم المكاتب ، و السفر الدائم ، و شراء السيارات ، و التطاول بالبنيان ، و الحصول على بدل تطبيب مقطوع بالعملة الصعبة مع تذاكر للسفر ، و رسخت العمل بلائحتها الجائرة التي كانت من سابق تطالب بالغاءها .
لذلك على نقابة الإداريين أن تكون صادقة مع نفسها ابتداء ، و تعمل على التشخيص الصحيح للوضع بدون مداهنة ، و تدرك أن صديق الأمس هو عدو اليوم . و عليهم توجيه سهامهم صوب القيادات القضائية التي تنصلت من وعودها السابقة ، و صرفت الموازنة بدون ترشيد و من ثم ذهبت للتنكيل بهم و بكل معارض لهم ، و لا توجهها صوب المواطن البسيط الباحث عن العدالة، لا سيما و أن القيادات القضائية راهنة أي تحسين في وضع منتسبي السلطة القضائية بزيادة الموازنة زيادة خنفشارية ، و التي من الصعب تحقيقها في ظل الوضع الاقتصادي المتردي للبلاد، و تناست كل أقوالها السابقة عن الموازنة الباهظة التي تصرف في غير محلها ، و تنكرت لكل الوعود السابقة بتحسين وضع منتسبي السلطة القضائية .
وبالبناء على ما سبق فإنني أعود وأكرر ندائي لنقابة الإداريين بضرورة عدم حرمان المواطن من الوصول السريع للعدالة، ورفع الإضراب الجزئي، وتوجيه مطالبتهم وأدواتهم النقابية صوب القيادات القضائية، والوسائل في القيام بذلك كثيرة ومتعددة، هذا إن كانت فعلياً تريد حقوق منتسبيها.
وللحديث أكيد بقية...