آخر تحديث :الخميس-21 نوفمبر 2024-11:53ص

وسيبقى وعد بلفور العار الذي يطارد الانجليز.

الجمعة - 02 فبراير 2024 - الساعة 09:40 م
منصور الصبيحي

بقلم: منصور الصبيحي
- ارشيف الكاتب


غداة انعقاد محكمة لاهاي الدولية للنظر في الدعوى المقدّمة ضد إسرائيل من قِبل جنوب افريقيا، لم تجد المانيا حرجاً في تقديم طلب الانضمام للدفاع عنها، بما يعد كمحاولة منها توظيف الحدث الهام والطاغي على وسائل الإعلام العالمية لإعادة بنا وعي الأجيال الحالية واللاحقة خلافاً لما أشيع عنها من جرائم إبادة جماعية ارتكبتها النازية بحق يهود أوربا أثناء الحرب العالمية الثانية.

ما يُفهم من السياق ذاته ومن وقوفها بهذا الشكل متحديّة إرادة الشعوب الحرة التي تهدف لوضع حداً لممارسات إسرائيل في غزة وغيرها من المدن الفلسطينية، بأنّها تحاول مصالحة ماضيها وتغسل العار الأسود لمحارق الهولوكوست عنها، ولا تشعر بأنّها تخرّب حاضرها وذلك بمأزرتها نازية أخرى تقوم بالفعل ذاته... لكن مالم نفهمهُ إذا كان سيئات الأمم وتشوهاتها عبر مسيرتها التاريخية غدت تنعكس بالمستوى نفسه سلباً على حاضرها لدرجة يجعلها تصارع متّخذة جميع الحيل من أجل تصحيحها ومحوها من ذاكرة الاجيال، فلماذا بريطانيا لا تحاول مصالحة ماضيها هي الأخرى فتغسل عنها عار وعد بلفور المشؤوم والذي يكاد يكمل عامه السابع بعد المائة، وتُنقِذ الفلسطينيين من المحارق التي يرتكبها اليهود ضِدهم على مدار سبعون عام متتالية، وبالتالي تُكفّر عن جرائمها وتعيد بناء وعي العالم والشعوب التي احتلتها بما يتسق مع حاضرها ودستورها المنصوص على حماية حقوق الإنسان؟.

فالبعد الأخلاقي لإنشاء وطن لليهود في فلسطين تجاوز بحرب غزة حدود الممكن وأصبح مزعزعاً للأمن والسلم العالمي، ومفاهيم الديمقراطية ومبادئها السامية والتي لطالما خادع إليهود بها العالم كثيراً ووصفوها بالتجربة الفريدة والرائدة في الشرق الاوسط، انكشف زيفها وانتهت أخيراً إلى أحضان التطرّف الديني تقتل المدنيين وترتكب الإبادة الجماعية بحق شعب له حضارته وتاريخه ومعتقداته!.

ومن حيث التلميحات الصادرة عن لندن وواشنطن، وبأنّهما بصدد التفكير بالاعتراف بدولة فلسطين، أو بالأصح يدرسان إصدار قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية وذلك عقب انتهاء الحرب، وإن كانت إيجابية لما تحملهُ من مضامين يمكن البناء عليها مستقبلاً في حال صدقت النوايا ولم يصعد رئيس جمهوري إلى البيت الأبيض متصلّباً منها يخرّب ما أسسه سلفه لها، إلا أنها في ظل ما يُبديه اليهود من تعنّت مستمر ومن عدم الرغبة في التعاطي مع مشروعها، وما يقدمون عليه من أعمال بربرية ووحشيّة في غزة والضفة الغربية، تهدف لتهجير سكانها تحت القصف المستمر مكرهيّن وبالحصار والجوع والبرد والمرض طائعين، وليقطعوا بذلك الطريق على أي أملاً يضمن إعادة الحقوق لأصحابها وينشر السلام والأمن في المنطقة، هي لا تجدي نفعاً، ولا يمكن اعتبارها فقط سوى دغدغة لمشاعر العرب والمسلمين إن لم يسبقها اتخاذ تدابير تحمي الفلسطينين أولاً وقبل كل شيئ من المحارق التي ترتكب بحقهِم على مدار الدقيقة والساعة، أما بإلزام إسرائيل وقف الحرب والانسحاب من قطاع غزة مع عدم القيام بأي أعمال عدائية في مناطق تديرها سلطة محمود عباس، أو إقامة منطقة حظر جوية وبرية وبحرية على طيرانها وآلياتها كالتي أقامها حلف الناتو في مطلع التسعينات لحماية شعبي البوسنة والهرسك من هجمات النظام الصربي ودموية مويلوسفتش آنذاك، وليتم رفع غطا الدعم والتأييد عنها وإدانة جرائمها إدانة صريحة باعتبارها وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة بهذا الشأن دولة إحتلال بما يتيح لدول العالم الحر مد يد العون للمقاومة حتى تحرير كامل الأراضي المحتلة عام 1967.

وبغير ذلك سيبقى ما يشاع من تسريبات حول قرار مؤجل العمل به إلى أن يفرغ الجيش الإسرائيلي من مهمته المفتوحة في غزة للقضاء على حماس، لا يمكن حِسابها إلا من باب التسليّة واللعب على المتناقضات، كسبًا للوقت في سبيل استكمال مشروع إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر.