آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-07:52ص

السقوط في الفتنة

الجمعة - 26 يناير 2024 - الساعة 02:01 م

محمد ناصر العاقل
بقلم: محمد ناصر العاقل
- ارشيف الكاتب




العقائد هي أشد تأثيرا في تحديد المواقف وتمييز الصفوف ولا يتضح ذلك إلا بالفتنة والفتنة الشديدة التي تزعزع وتزلزل الناس حتى يذهب كل إنسان إلى ما يناسبه ويشاكله من أهل الدين كما وصف الله حال المؤمنين والمنافقين يوم الأحزاب في قوله تعالى ( هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلازلا شديدا * وإذا يقول المنافقون والذين قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ... الآيات إلى قوله تعالى ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ) فالفتنة إذا نزلت لا تغادر الناس حتى يبين كل إنسان عن عقيدته وتكشف له وللناس حقيقته ولهذا فهي تنسف الشعارات وتبطل المعاذير والحيل لتقرر الحقيقة التي تختفي وراءها ( يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا * ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا )
فهنا تظهر الإستهانة في موقف المنافقين بصاينة الحريم وحماية الوطن واستخدامها كشعار وذريعة للفرار من المواجهة وتأدية واجبهم الديني بالوقوف في حزب الله ورسوله والمؤمنين ، فضلا عما تخفيه صدورهم من الفرح بموقف الكفار والمشركين الذي بدأ لهم بأنه الأقوى وأن الغلبة ستكون لهم ،وقد رسمت حرب الصهاينة على غزة وإجرامهم غير المسبوق ضد المدنيين واستهداف مقومات الحياة ثم استمرارهم في هذا العدوان الذي لا يواجهه إلا المقاومة الفلسطينية المجاهدة وشعبها الصابر الأبي المحاصر مع الصمت الدولي الشاهد على الجريمة الصهيونية بكل تفاصيلها يدل على أن المواقف لا يحركها إلا الدين والعقيدة وأن المواثيق الأممية وحقوق الإنسانية والقومية العربية والوطنية كلها تذهب هباء وأنه إذا هبت رياح الفتنة فلا تبقى إلا شجرة الإيمان وإن غزة اليوم هي مركز قوة الزلزال ولكنها الأشد ثباتا بينما نرى تساقط الأطراف واحدا بعد الآخر في حلقات متتالية منسجمة مع تأثير الفتنة (حتى يميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون ) ومن مُيٓز في الدنيا فإنه يحشر يوم القيامة متميزا ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) وليس من معنى للسقوط في الفتنة في الدنيا إلا السقوط في جهنم في الآخرة ( ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) وهذا ما كان يجب أن يحذره ويتوقاه الساقطون في الفتنة