آخر تحديث :الأربعاء-30 أكتوبر 2024-08:01م

حوار صريح مع مغترب: الفساد المقدس!

الثلاثاء - 23 يناير 2024 - الساعة 10:45 ص
عبدالوهاب طواف

بقلم: عبدالوهاب طواف
- ارشيف الكاتب



في حديث لي مع رجل أعمال يمني، متجنس ويعيش في بريطانيا:
قال: معي بعض الأعمال التجارية في اليمن، ولذا أزور صنعاء في السنة مرة في العام على الأقل.
في أيام حكم الرئيس السابق صالح، كنت وللأمانة أعاني من بعض الممارسات غير النظامية في المؤسسات الرسمية، أثناء إدارة أعمالي التجارية، وكنت أتضايق من ذلك الحال، ومع ذلك، كانت أعمالي ماشية بصورة طيبة، وتتطور باستمرار.
كان يوجد فساد في مؤسسات الدولة، كما هو حال معظم دول العالم، وكنا ننتقد ذلك أمام كل قيادات البلاد، حرصا على أن تكون بلادنا كسائر البلدان المتقدمة.
اليوم، وللأسف ضاعت الدولة وظل الفساد، ولم يعدّ في اليمن مؤسسات فاسدة، بل عصابات مُفسدة، وصار الفساد هو الحاكم، وتحول الفاسد الذليل في السابق إلى فاسد مبهرر اليوم، محمي بالبندق والشعار الزوامل والمسيدة.
لم يعد للنقد مطرح، فالناقد للأوضاع اليوم هو خائن وعميل ومرتزق وصهييووني، وشوال شتائم خيرات ما قدرت أحفظها.
تصدق أخي العزيز: برغم الفوضى في عدن وبعض الممارسات العنصرية تجاه أبناء الشمال، إلا أنني أحس فيها بالانتماء والراحة هناك، لأني أشعر أن الفساد والفوضى هناك مرتبط بصاحبه، وسريعا ما يزول بكلمة طيبة منك، ويتم ردعه من كل المحيطين به.
في صنعاء، مدينتي ومسقط رأسي، لم أعد أشعر أنها صنعاء التي أعرف، ولم أُعد أشعر بالانتماء إليها، وأشعر بغربة قاتلة فيها، وأنني ضيف ثقيل عليها، فكل شيء لا يمت للحياة والدولة وأخلاق اليمنيين بصلة، واليوم الذي أغادر منها، هو عيد عندي وعند عيالي.
الكارثة أنني أرى أن الفساد وقلة الخير في صنعاء ممنهج ومحمي بالعصبة والعصبية والمسيدة، وهناك من يدافع عنه حتى من هو ساكن في أميركا، ما دام وهو عضوا في العصبة المقدسة!
قلت له: لا عجب، فأنت أمام جماعة طائفية، شعارها اللعن والملعانة، والقتل والمقتالة. إن هٌزمت تحولت إلى وضعية التُقية (النفاق)، تتآمر في الخفاء، وتنخر الدولة كالسوس من الداخل، وإن حكمت، نهبت وبطشت، وقتلت وفجرت وفجّرت.
ولكن لن تظل هذه العينات، وغدًا سيسقطون إلى القاع، المزدحم بأمثالهم، وستبقى قصصهم فقط للعِبرة والعِظة، حتى قيام الساعة.
نسأل الله السلامة.