آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-10:01ص

عدن أمس واليوم

الإثنين - 22 يناير 2024 - الساعة 11:32 ص

عفيف السيد عبدالله
بقلم: عفيف السيد عبدالله
- ارشيف الكاتب


تتمتع عدن بتاريخ عريق ومغرق في القدم، كانت ولم تزل من أشهر موانئ العالم. مدينة حضرية تميزت بالتفوق، والإنسانية، والرفعة. ورد إسمها في التوراة 592 قبل الميلاد، في كتاب العهد القديم، سفر حزقيال، الأصحاح، الآية 22. كما وردت في حديث رسول الله، (يخرج من عدن أبين أثنا عشر الف، ينصرون الله ورسوله، هم خير من بيني وبينهم). وبإسمها خليج، يمتد من بحر العرب في المحيط الهندي إلى باب المنذب (خليج عدن). والمدينة الأفضل، في مستوى المعيشة في الشرق الأوسط، في الأربعينات والخمسينات من العقد المنصرم.
وفي أوقات متفرقة من العصور الوسطى، عندما كان يحكمها أولادها الأصليين، ويديروها، ويتدبروها وحدهم، زار عدن كل الرحالة المشهورين. وأخبرونا في كتبهم، ومخطوطاتهم، ومدوناتهم، مارأوا وشاهدوا في زيارتهم، وماعاشته عدن في تلك العصور. ومنهم الرحالة الإيطالي المشهور ماركو بولو، عام 1269م، وزار عدن مرتان. ووصفها بأنها مدينة كبيرة، يزورها كثير من التجار الذين يبيعون سلعهم ويستبدلونها بالذهب.
كما زارها بن بطوطه ( أبوعبدالله محمد بن عبدالله اللواتي الطنجي) عام 1330م. ووصفها بالمركز التجاري القوي، والبثراء الفاحش، وأنه في بعض الأحيان كانت السفينة بكامل حمولتها مملوكة لشخص واحد. وقال عنها البحارة البرتغالي كوفلهام، بعد زيارته لعدن عام 1487م، أنها من أكثر البلدان تجارة، وبها أكثر التجار ثراء. وفي عام 1504م، زارها الرحالة الأرستقراطي فارتيما دي، وقال أنها مدينة فائقة الجمال، وثرية جدا. وأثناء حكم السلالة الصينية مينت،أرسلت ثلات سفن متخمه بالهدايا إلى عدن، برفقة الأدميرال البحري الشهير شينج. وفي فترة بين عامي 1703م و1713م، زار عدن جان دو لاروك، وقد وصفها بأنها مدينة مهمة، ومشهورة، وأن ميناءها هو الأفضل في العالم.
كما وصف سوق المدينة، بأنه كان مخططا على أحدث طراز، وأن فيها صهاريج، تؤمن إمدادات المياه العذبة لكل سكان المدينة. وأشار إلى أن بيوت عدن الخاصة، والعامة، كانت كبيرة، وجميلة، وأنيقة. وان المدينة فيها حمامات عامة، لا يعرف أجمل منها، مكسوة كليا بالرخام، واليشب. ولسقوفها قبب رائعة، ومزينة في الداخل بأروقة، وحجرات، وقاعات، ترتكز على أعمدة جميلة.
وما تقدم، هو دلالة على واقع الازدهار الحضاري، والتجاري، واهمية عدن عندما كان يحكمها أولادها الأصليين، ويديروها، ويتدبروها وحدهم. وبعد خروج الإنجليز دمرها، وطرد كوادرها، وشرد أهلها الحزب الاشتراكي. وإلى الآن تمر المدينة بفترة هي الأسوأ في تاريخها. والمدخل الصحيح، والحل الإيجابي لمعالجة جذور الأزمة الكارثية القائمة فيها ، ووقف تلاحقها، ويحقق العدالة لأبناء عدن، وحماية حقوقهم، وثقافتهم المدنية والحضارية المتميزه. هو أن تمنح المدينة شكل من اشكال حكم واقعي، ومقبول، ومتطور، على أساس الهوية اليمنية.
وفي اطار النظام السيادي، والقانوني للدولة. كي يكون لأبناء عدن، القدرة لإختيار مسار حياتهم، ويقومون وحدهم بسياستهم و إدارة شؤون مدينتهم. وهو حق تاريخي أصيل، وامر حتمي وممكن، وعملا مقبولا وواجب.