آخر تحديث :الأربعاء-30 أكتوبر 2024-11:17م

شبابنا والجري وراء السراب نحو الموت

الإثنين - 22 يناير 2024 - الساعة 09:09 ص
د. سابر محمد عباد علي

بقلم: د. سابر محمد عباد علي
- ارشيف الكاتب


في الآونة الأخيرة ازدادت حوادث الموت بأشكال مختلفة للعديد من شبابنا وهم يجرون نحو حلم الوصول لأوروبا هم شباب لهم أحلامهم، لقد جاءوا بحثا عن الأمان و للعمل بأمانة كنت لديهم أحلامهم وهم وسط اهاليهم في وطنهم، ولولا الأحداث الحزينة والقاتلة ، لما غادروا الوطن أبدًا. لقد جاء بعضهم طلابا وبعضهم دخل بفيزة سياحية لروسيا لأنهم يعلمون أن روسيا لديها حدود مع دول الإتحاد الأوروبي كفنلندا وبولندا وإستونيا وهم يعلمون أن فنلندا هي من أكثر الدول الأوروبية سيادة للقانون وكثيرا ما كان يضرب بها المثل إن أردت الوصول لأوروبا فعليك بفنلندا فهي بلد مسالم تستطيع أن تحصل فيها على وظيفة جيدة تساعدك على ان تعيش وتساعد أسرتك بنفس الوقت كان هذا ممكنا قبل الأحداث التي وقعت على الحدود الفنلندية الروسية في نهاية عام2023م.
أنا لست سياسيا، ولا أستطيع أن أقول على وجه اليقين ما إذا كان من الجيد أن يطلب سكان بعض الدول الأفريقية والعربية اللجوء الإنساني في فنلندا بشكل جماعي؟ ربما يوجد بينهم أشخاص كسالى يريدون العيش بشكل مريح على الإعانات. أكرر أنني لا أعرف كل الظروف، لكن يبدو لي أنه ليس من العدل تمامًا حرمان مواطني بلدي من حق اللجوء الإنساني. لقد كانت فنلندا دائمًا دولة سيادة القانون، وكم تحدثت السلطات الفنلنديةعن ذلك باستمرار وكانت فخورة به. الآن أعتقد (أعلم أن العديد من مواطني الذين يعيشون هناك يعتقدون أيضًا) إن تصرفات السياسيين الفنلنديين الحالية تجعلني أشك في ما إذا كانت البلاد ستلتزم بمبادئها السابقة.
في الوقت الحاضر يمكنك مقابلة العديد من المواطنين الأوكرانيين في فنلندا. لقد غادروا بلادهم بسبب وجود صراع عسكري في بلدهم. أنا أفهمهم وأعلم ما هي الحرب، والأوكرانيين سعداء برؤية فنلندا، ولكن يبدو أننا لسنا كذلك؟ كيف نختلف عنهم؟ هل نحن مواطنون من الدرجة الثانية أو حتى الثالثة؟ أغلقت فنلندا حدودها مع روسيا، تاركة مواطنيها يواجهون مصيرهم عمليًا. أعلم أن الروس أناس طيبون، ولن يتركوا إخوتي يهلكون، لكنني لا أفهم لماذا سُمح لنفس الأوكرانيين بعبور الحدود بالمئات والآلاف، في حين كانت الأبواب مغلقة في وجه المهاجرين من الدول العربية؟ في هذه الحالة، أشعر بالأسف الشديد ليس فقط على زملائي المواطنين، ولكن أيضًا على الروس الذين يعيشون في فنلندا.
لا يمكنهم زيارة أقاربهم في روسيا. وكان هناك أمل في اتخاذ السلطات الفنلندية قراراً معقولاً، ولكن أصبح من المعروف مؤخراً أن إغلاق الحدود قد تم تمديده. وأنا أطرح سؤالاً: هل ابتعدت الدولة التي احترمناها بصدق ذات يوم، عن الاتفاقيات الدولية المتعلقة
باللاجئين؟ هل تنتهك السلطات الفنلندية حقوق المواطنين على أساس الجنسية والدين؟ فقد كتبت الصحافة الفنلندية أن الحكومة كانت تناقش أحد الخيارات الرفض النهائي لتقديم اللجوء الإنساني لمواطني الدول العربية والدول الإفريقية. ربما لن يسمح لهم ببساطة بدخول البلاد، ولكن سيتم إبعادهم على الحدود مباشرة. إذا لم يعودوا يريدون رؤية مواطنينا في بلدهم، لكنهم يفضلون الأوكرانيين عليهم، فهل يمكننا أن نفترض أنه في وقت لاحق لن تنشأ فكرة طرد أولئك الذين استقروا بالفعل على الأراضي الفنلندية؟
بقدر ما هو محزن، فإن زملائي وأصدقائي المواطنين الذين يعيشون في المدن الفنلندية ولست متأكدًا من أن هذا لن يحدث. حتى وقت قريب، كنا نوصف بالجنون أي شخص يقترح أو يفكر ولو لجرد التفكير أن تبدأ فنلندا في تقييد حقوق المواطنين في الحصول على اللجوء على أساس اعتبارات دينية أو عرقية.
لكن يبدو لي الآن، ان مثل هذا التفكير قد يصبح هو القاعدة. ففي نهاية العام الماضي، كانت هناك قصة في وسائل الإعلام مفادها أن حرس الحدود الإستوني لم يسمحوا للمهاجرين بعبور الحدود، وأوقفوهم على الجسر المؤدي من إيفانجورود الروسي إلى نارفا الإستونية،
إن الأشخاص الذين كانوا يأملون في أن يجدوا في أوروبا الخلاص من المشاكل والمصائب، ركعوا على ركبهم، وكادوا يقبلون أحذية الإستونيين للسماح لهم بالعبور، لكنهم لوحوا لهم باشمئزاز. كان من المؤلم مشاهدته.
وفي هذا العام ترك أحد مواطنينا بين الثلوج على الحدود البولندية يموت بعد أن قام حرس الحدود البولنديون بسرقة ممتلكاته البسيطة وضربه وتركوه ينزف حتى الموت فوق الثلج دون أن ترف لهم جفن.
ربما هذا هو المكان الذي تبدأ فيه النازية؟ لا أريد أن أصدق أن هذا هو ما ينتظر أوروبا وتحديدا فنلندا، البلد
الذي أحببناه بالفعل.