آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-10:20م

اليمن بين قاع الحرب وقمة الوعل

الإثنين - 22 يناير 2024 - الساعة 08:49 ص

محمد المقبلي
بقلم: محمد المقبلي
- ارشيف الكاتب


باحياء يوم الوعل كيوم قومي يذهب حراك الأقيال وهو حراك فكري ووطني ويعد وفق تقديري اثمن ماخرج به اليمنيين منذ الانقلاب والاجتياح الى اعادة ترتيب الذاكرة اليمنية وتأثيث الوجدان اليمني بعد التمزق التاريخي المرير بفعل الكهنوت السلالي الداخلي والاحتلالات الخارجية واحتلال الذاكرة هو الأكثر فداحة…فعند جورج أورويل صاحب رواية حملت عنوان 1984..أن هدف الشمولية حذف ذاكرة الشعب ورمز لها بالأخ الأكبر.
رمزية الوعل قد تبدو للبعض أمر غريب نتيجة الانقطاع عن الإرث الحضاري اليمني بينما يمثل الوعل رمزية تاريخية ارتبطت بالأرض التي كان يطلق عليها الدكتور المقالح في اروع قصائدة أرض الروح وان كان من حيوان ذو حس متجاوز للحس الحيواني فهو الوعل بلامنازع وهو مادفع الانسان اليمني المتأمل بطبعه ان يلتقط التفاصيل التي أثارت انتباهه منذ فجر التاريخ عن الوعل وخصوصا تفاعل الوعل مع البرق والمطر فبحسب المرويات اعتاد اليمنيون القدامى ان يعرفوا من خلال صعوده اعلى القمم واصدار صوت معين وحركات معينة بسقوط الأمطار وكذا تقابله لمكان لمعان البرق وهو ماذهب البعض الى تصوير الأمر باستمطار الوعل.
ولاتوجد دراسات علمية ذات صلة بالأمر وقد يكون وفق تقديري يمتلك قرون استشعار تمكنه من الارتباط الوثيق باستشعار الأمطار قبل هطولها وكذا البرق والقمر الذي تمثل قرونه شكل هلالين هو مايعتقد البعض ان قرنه هو المقصود بالعرجون القديم.
ارتبط الوعل بالقمر والبرق والمطر كحيوان مبارك من الخالق ولم يكن الهه لليمنيين القدامى بحسب وكالعادة يحدث الانحراف حينما يتحول ما يباركه الله من أنبياء ورسل وبلدان وقوميات وحيوانات الى صنميات.
الخصائص التي يمتلكها الوعل تجعله أكثر من حيوان واقل من انسان اذا يتشارك مع الإنسان بالتفاعل مع ثلاثية البرق والمطر والقمر وهي ثلاثية اتسمت بنبع الحياة المقدسة وكذا الاتصال ذو الطبيعة الحيوية والروحية وخصوصا ان الانسان اتخذ من اسم الرسائل العاجلة البرقية اشتقاقا من البرق وهذه وفق تقديري ماجعلت اليمني يتخذ الوعل رمز قومي للشخصية اليمنية.
ليس بمقدور أحد نكران أن اليمنيين القدامى كانوا ذو علم وحكمة وبالتالي لم يتخذوا الوعل كرمزية اعتباطا كما أنهم استكشفوا النجوم المرتبطة بالنور والمطر مثل الشعرى اليمانية وسهيل اليمانية والأول أكثر النجوم وميضا بالسماء والثاني ارتبط بالمطر وهي وفق علوم الفلك التي برع اليمنيين فيها ولاتزال متداولة شفيها بينما لم يدون من المنجز النظري لتلك العلوم الا ماندر ولعل المخطوطات المطمورة تحوى الكثير اضافة الى التي تم تهريبها.
اكتسب الوعل لون بني ايضا هو لون القومية اليمنية بلا منازع فلون العمارة الطينية واللون السائد للعسل والقهوة والياجور والفخار وهو مااكسبه ايضا رمزية ذات دلالة ويطلق اسم انثى الوعل اروى.
وكان اليمني يقدم الوعل كونه صعب الصيد قربانا للخالق في أكثر الشهور خصوبة ومطر وكان يسمى شهر ابها وكان يبحث عن الوعل الذي تعدت العثترات في قرنه العشرة وهي فواصل في قرون الوعل تظهر كتحديد لعمر الوعل وكان لايتم الصيد في الأشهر الحرم ووفق نقش ريام يحرم الصيد في شهر ابها خصوصا ولا يتم صيد اروى وهي حامل.
احياء يوم الوعل من معززات الهوية اليمنية التي تعرضت لاستهداف ممنهج استجد في العشرية المظلمة من الحرب بفعل الجماعة الحوثية التي رفعت الهوية الايمانية وهي الخمينية لاستهداف الهوية اليمنية التي يحسب لحراك الأقيال أنهم صعدوا بالهوية من قاع الحرب الى قمة الوعل اذ تجاوزت اليمن الفخ الطائفي الذي تم نصبه للوطنية اليمنية الحديثة من خلال التهجير الطائفي والحرب الطائفية التي اعلنها الحوثي أول انقلابه وتم الدفع بالسلفيين السلميين الى حمل السلاح وباتت المطابخ الحوثية ومنصات حزب الله المساندة لها تروج ماكان يعرف بالحرب على الدواعش التكفيريين وفق صفقة اقليمية تزامنت مع ظهور داعش بالعراق 2104.
يوم الوعل مناسبة جيدة لليمنيين للبحث عن المنجز الروحي المتصل بالشخصية اليمنية والعودة لجذور هويتهم التي تعرضت لاقتلاع وكذا وضع التساؤلات حول ذاتهم وخصوصا مسألة الاتصال الحضاري ..تساؤلات تنمي الفضول المعرفي والتنقيب والتحليل والبحث والعقلانية.