آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-03:55م

ولي ذكرياتي.. أحداث كنت شاهداً عليها في طفولتي

الأحد - 07 يناير 2024 - الساعة 04:40 م

ناصر علي الحربي
بقلم: ناصر علي الحربي
- ارشيف الكاتب


- في العام1958م شاهدت معارك خاضها البريطانيون مع قوات الإمام، واستهدف البريطانيون في تلكالحرب المدينة الشمالية ((امصومعة) المجاورة لقريتنا الجنوبية (مرتعة) وأبادوها إبادة كاملة بالطيران الحربي الهوكر هنتر، ولأن لأبناء امصومعة علاقات صهارة وتقارب عائلي معنا ومع مواطني قرى مكيراس وزارة وغيرها من القرى العوذلية فقد حزن أهلنا كثيرًا على ما أصاب إخوانهم في هذه المدينة.

وقد فضَّل المتضررون من هذه الحرب من أبناء امصومعة وغيرها من المدن الشمالية النزوح إلى قرانا، وفتح لهُم أهلنا البيوت، وعاشوا بيننا فترة من الزمن حتى استقر الوضع لديهم وعادوا تدريجيًّا إلى امصومعة، وتمكنوا من إعادة بنائها، وتحويلها في السبعينات والثمانينات إلى سوق حُرَّة مزدحمة بالأقمشة والعطور والمواد الكهربائية والاستهلاكية، وغيرها التي كانوا ينقلونها من عدن إلى حدود الشمال بأسعار رمزية معفية من الضرائب.

- في العام 1960م حضرت أوَّل معرض طيران في الشرق الأوسط أقيم في مطار عدن الدولي الذي ساوى في زمانه نشاط مطار طوكيو الدولي من حيث عدد الرحلات والركاب القادمين والمغادرين والترنزيت، نظرًا لما يمتاز به المطار من سوق حُرة ظلت ناجحة حتى وقت متأخر بعد الاستقلال.

- في العام1962م التحقت للدراسة في كلية بلقيس في الشيخ عثمان التي كانت فترة الدراسة فيها اثنتي عشرة سنة، تبدأ بالمرحلة الابتدائية سِت سنوات، وثلاث سنوات إعدادي، ثم المرحلة الثانوية ثلاث سنوات. 

كانت كلية يختلف منهجها عن المنهج البريطاني الذي كان يدرس في المدارس الحكومية بنظام ابتدائي ومتوسط وثانوي. 

شهدت اليمن عامة والجنوب خاصة خلال الفترة التي درست فيها في كلية بلقيس العام 1962م، حتى عام1966م، الكثير من الأحداث، أبرزها قيام ثورة 26 سبتمبر في العام 1962م في الشمال،وبعد عام قيام ثورة 14 أكتوبر من عام 1963م في الجنوب التي أسست لمرحلة كفاح مسلح خاضتها الجماهير، وكان لجبهتي القومية والتحرير الحضور اليومي في خوض المعارك ضد قواعد المستعمر البريطاني في عدن وفي بعض المناطق الريفية. 

كان للطلاب الدارسين في المرحلة الثانوية الدور في الخروج في المظاهرات، وكُنَّا طلاب الابتدائية نتفاعل بقوة مع هذه المظاهرات، وكان الطلبة الكبار  فينا يتعرضون للقمع والاعتقال.

وفي هذاالسياق أذكر أحداث كلية بلقيس الكبرى في نهاية العام 1965م تقريبًا. عندما زار عميد الكلية حسين علي الحبيشي الصفوف الدراسية للكلية التي كانت مزدحمة بصور الرئيس جمال عبد الناصر، زل لسان عميد الكلية فقال: إيه هذه صفوف دراسية أو صوالين حلاقة، قال هذه العبارة فقط، لكن انتشر خبر مفاده أن عميد الكلية انزل صورة عبدالناصر وداس عليها، وبهذا الخبر اشتعلت الكلية وهجم الطلبة على مكتب عميد الكلية الذي كان محميًّا بقوة أمنية، وكنت من الشهود على الحدث، رأيت عميد الكلية وقد تعرَّض لإصابة من الحجارة التي كان يرميها الطلبة، والدم يسيل من رأسه، فأنقذه الأمن، وكان آخر يوم يداوم فيه في الكلية، كما وصلت عدد من السيارات البيد فورد المشبكة لاعتقال الطلبة.

كان لهذه الأحداث تأثيرها في نفسي، وكُنَّا الصغار نتحمس ونتأثر بالكبار ولا نحب أن نقلدهم في العمل النضالي فقط، بل كُنَّا نحب أن نشاركهم. من هنا جاء التفكير المبكر وعمري لا يتجاوز ستة عشر عامًا ولم أكمل الصف السادس الابتدائي أن أنضم إلى الجبهة القومية، وفعلًا كانت لي علاقة بأحد المناضلين من جيراني في السكن هو صالح علي عزعزي، الذي كان موظفًا عسكريًّا برتبة نائب في السرية العسكرية الطبية بخور مكسر، عرضت عليه رغبتي الانضمام إلى الجبهة القومية بحُكم معرفتي وثقتي به. كان حذرًا لصغر سني لكنه نصحني أوَّلًا بالالتحاق بالجيش ومن ثم التفكير والتعاون في انضمامي إلى الجبهة القومية.