آخر تحديث :الخميس-19 سبتمبر 2024-12:30ص


البحث العلمي، أنواعه وطريقة كتابته

الأربعاء - 27 ديسمبر 2023 - الساعة 07:57 م

أ.د. مسعود عمشوش
بقلم: أ.د. مسعود عمشوش
- ارشيف الكاتب


 

البحث العلمي نشاط يهدف إلى الابتكار وإضافة معارفجديدة أو تطوير المعارف الموجودة، والقيام بما لم يتمالقيام به بعد، وطرح الأسئلة التي لا توجد إجابات لهابعد، وذلك بواسطة أدوات منهجية صارمة.

وعادة تُصنّف البحوث العلمية إلى عدة أنواع، وفقالأهدافها وطبيعتها أو لحجمها. وقد تصنف البحوث بناءً على ما توفره من معرفة علمية في الحقل الذي تُجرَىفيه. وتُصنَّف البحوث كذلك وفقا لطبيعة وعمق البياناتالمجمعة؛ هل هي نتاج عمل مكتبي، أم تنظير فكري، أوتطبيقي، معملي أو ميداني؟ ويضم هذا التصنيف ثلاثةأنواع من البحوث العلمية: البحوث التنظيرية والبحوثالمكتبية، والبحوث التطبيقية التي تنقسم إلى ثلاثة أنواع: بحوث ميدانية وبحوث تحليلية وبحوث معملية.

وبالإضافة إلى التصنيفات السابقة للبحوث العلمية يمكنرصد تصنيف آخر يعتمد على نوعيّة الباحثينومستواهم، ومستوى البحوث المقدمة، ودوافع إجراءالبحث؛ وبناءً عليه يمكن تقسيم البحوث العلمية إلى: أ- بحوث  منتسبي مراكز الأبحاث العلمية وأساتذةالجامعات التي يقوم بإجرائها أساتذة الجامعات أثناءتأدية عملهم الأكاديمي، إذْ تشترط الجامعات والمؤسساتالأكاديمية العلمية على منتسبيها إنجاز عدد من البحوثالعلمية خلال سنوات معيّنة للترقية والحصول على درجةعلمية. ويمكن أن يقوم الأساتذة ببحوث ليس لها علاقةبالترقيات الجامعية، ويقومون بنشرها في المجلات العلميةالمحكمة أو في المؤتمرات العلمية أو لصالح المراكزوالمؤسسات والهيئات العلمية المتخصصة.

وفي ظل ارتفاع عدد الجامعات والمراكز البحثية ارتفععدد المجلات والدوريات المتخصصة في نشر البحوثالعلمية الموسومة بـ(المحكمة)، التي يكون الهدف منها فيالغالب الحصول على الدرجات العلمية، بغض النظر عنصحة الإضافة العلمية التي تتضمنها تلك البحوث. ونتيجةً لذلك أنشأت بعض المؤسسات معايير لمراقبة جودةالأبحاث العلمية، لكن تبيّن أنّه من الصعب إخضاع كلما ينشره الأساتذة من بحوث للمراقبة، لا سيما في ظلما نشهده اليوم من تدني كبير  في مستوى أخلاقياتالبحث العلمي.

وهناك البحوث الطلابية -بمختلف مسمياتها ومناهجإجرائها- التي سنركز هنا على طريقة كتابتها فقط. فمنالمعلوم أن الطالب يُكلَّف طوال حياته الجامعية بكتابةعدد من المقالات والبحوث حول موضوعات مختلفة. ومنالمؤسف أنَّ معظم جامعاتنا لا تحرص على إدخال مادةالبحث العلمي لطلبتها إلا في السنة الأخيرة منالبكالوريوس، حيث تقرر على الطلبة مادة مناهج البحثالعلمي ويكلف الطلبة في الفصل الأخير من دراستهمبإعداد بحث التخرج. أما في الجامعات الغربية فمادةالبحث العملي تُقرَّر في المستوى الأول مع مادة التعبيروالتفكير المنهجي، ويتم، من المستوى الأول، تدريب الطلبةعلى كتابة المقالات والبحوث والملخصات والتقاريربأنواعها، ويتدربون كذلك على ما درسوه في مادة مناهجالتعبير والتفكير المنهجي. وهناك مئات من الكتب المكرسةلإرشاد الطلبة لكيفية كتابة مختلف أنواع الكتاباتالأكاديمية التي يتمرن عليها الطالب بشكل منتظم طوالفترة دراسته الجامعية.

بحوث طلابية في المرحلة الجامعية الاولى:

من مهام التعليم الجامعي تدريب الطالب على ممارسةالبحث العلمي وتوثيقه كتابيا. وتوثيق البحث الحث العلمييدخل في إطار الكتابة الوظيفية. ويكمن الهدف من إلزامالطلبة بإعداد البحوث العلمية في دفعهم إلى تحريالحقيقة وتمحيص وتعميق ما يقدمه لهم مدرسوهم منمعارف في مجال تخصصهم، أو استكمال بعضها، وكذلك تدريبهم على التعامل مع المكتبة والاستقصاءالميداني، والتعلم الذاتي بشكل عام.

ويقوم طلاب المرحلة الجامعية الأولى في مختلفالتخصصات العلمية بإنجاز تكليفات أو أوراق بحثيةمتنوعة تهدف إلى تعلم طريقة جمع المعلومات والمعارفمن مصادر مختلفة، والتنظيم والتوثيق، وكذلك ممارسةالقراءة الناقدة والمناقشة والترجيح بين الآراء، وإبدا الرايوإصدار الحكم واستخدام أسلوبهم الخاص في الكتابة.

 وإضافة إلى الأوراق البحثية يمكن أن يطلب المدرس منالطالب إعداد تقارير علمية تهدف إلى إكساب الطالبمهارة الربط بين الدراسة النظرية وجوانبها التطبيقية، المعملية أو الميدانية، ويشمل ذلك التطبيق فيالمستشفيات والزيارات العلمية إلى مواقع لها علاقةبالدراسة النظرية، كزيارات طلاب أقسام الآثار والإعلامأو أقسام الخدمة الاجتماعية أو الجغرافيا، أو التربية أوطلاب الكليات الطبية أو الزراعية أو الهندسية للمؤسساتوالمواقع والأماكن التي لها علاقة بدراستهم وتخصصاتهمالعلمية. ويتولى الأستاذ مهمة تقييم بحوث الطلبةوتكاليفهم، ويخصص لها نسبة كبيرة من درجة أعمالالفصل.

وهناك بحوث التخرج، فعندما يصل الطالب إلى السنةالنهائية أو الفصل الأخير من دراسته الجامعية يكلفهقسمه العلمي بإعداد بحث أو مشروع تخرج، إما بمفردهأو مع زميل له، وعادةً ما تكون هذه البحوث ذات طابعإجرائي تطبيقي. وتحسب كمساق دراسي تبرز درجتهفي بيان درجات الطالب.

وفي مرحلة الدراسات العليا ينجز الطلبة بحوثا مختلفة؛  ففي مرحلة الدبلوم أو المرحلة التمهيدية، التي تسبقانخراطهم في إعداد رسالة الماجستير أو أطروحةالدكتوراه يقوم الطلاب، بناءً على توجيهات أساتذتهم، بإجراء عددٍ من البحوث في إطار كل مساق أو سيمينار(حلقة نقاش). وتلزم بعض الجامعات طلبة الماجستييروالدكتوراه بنشر بحث أو بحثين في مجلات محكمة قبلإنهاء البرنامج، وذلك كجانب تطبيقي وتدريبي للموادالتي يقومون بدراستها، ويعد ذلك أحد معايير التقييمالعلمي للطلاب وتدريبهم، ويسهم في صقل قدراتهمومهاراته المنهجية والبحثية. وتعد هذه البحوث في غايةفي الأهمية، إذ أنها تعرف الطالب على أساسيات البحثالعلمي ومناهجه وأدواته وحقوله، وإعداده منهجيا وعلميالإنجاز الرسالة أو الأطروحة.

 ورسالة الماجستير بحث موسع لموضوع محدد بدقة، لمتسبق دراسته ويقع في إطار تخصص الطالب، ويسهمفي تحقيق التنمية والتطور العلمي والاقتصادي للبلاد. وتتكشف في هذا البحث إمكانيات الباحث العلمية فيالرصد والعرض والتحليل والتفسير والصياغة، والوصولإلى نتائج علمية محددة، أما إعداد رسالة الماجستيرنفسها فيخضع لمعايير وقرارات رسمية، ويكلف أستاذيحمل لقبا علميا رفيعا بالإشراف على الطالب وتتممناقشة رسالة الماجستير بصورة علنية  وذلك وفقا للتقاليدالمتبعة في كل جامعة، ويحصل الطالب بعدها في حالإجازتها من  اللجنة العلمية المكلفة بمناقشتها على درجةالاجازة العالية (الماجستير) في تخصصه .

ويسمح لعدد محدود من الطلبة المتميزين في دراساتالماجستير البحثية بالالتحاق بمرحلة الدكتوراه، وذلكللقيام بأبحاث نوعية معمقة تهدف إلى تحقيق إضافاتعلمية فعلية في تخصصاتهم، وذلك بعد موافقة المجلسالعلمي والمؤسسة التي يدرس بها الطالب، حيث يتمإصدار قرار من المؤسسة العلمية بتحديد عنوان الدراسةوتكليف أحد أعضاء هيئة التدريس ممن لا تقل درجتهالعلمية عن أستاذ مشارك للإشراف على الطالب. وتشترطبعض الجامعات على طالب الدكتوراه استنهاج عدد منالمساقات خلال فصلين دراسيين على الأقل، واجتيازامتحان شامل، وذلك قبل تقديم مشروع بحثه وتسجيلعنوان الأطروحة.

وكما ذكرنا، يدخل توثيق البحوث العملية بمختلف أنواعهاضمن الكتابة الوظيفية. وتقسم عملية كتابة  البحثالعملي إلى ثلاث مراحل:

1- في المرحلة الأولى نقوم بكتابة مسودة البحث من خلالنقل منظم ومرتب لمحتوى البطاقات التي قمنا بتجميعمعلومات البحث فيها، مع الأخذ بعين الاعتبار الخطةالأولية التي وضعناها للبحث. وخلال هذه المرحلة نضعالهوامش والملاحظات داخل أقواس في النص نفسه. ونشير إلى أي نقص أو معلومة بحاجة للمراجعة أوالإضافة. وعلينا ألا ننسى وضع إشارة معينة في كلبطاقة انتهينا من تفريغها.2- وفي المرحلة الثانية نقوم بكتابة أ- خاتمة البحث أو نتائجهفي ضوء ما كتبناه في المسودة ب- نقل كل الهوامش معترقيمها ووضعها بعد الخاتمة. ج- نقل كل أسماءالمصادر والمراجع مع مراعاة الطرق المنهجية في ترتيبها. د- إعادة كتابة افتتاحية البحث والتمهيد وإدخالالتعديلات التي تفترضها مسودة البحث.3- وفي المرحلة الثالثة نقوم بتببيض البحث، من خلال كتابتهبخط جميل أو طباعته، وتضمينه الصور والجداولالتوضيحية إن وجدت. وفي الحالتين نسعى إلىاستخدام أسلوب علمي خال من الأخطاء الإملائيةوالنحوية. ونقوم بمراجعة المبيضة مرتين أو ثلاث مرات. ويمكن عرض المبيضة على صديق، ففي الغالب يصعبأن نكتشف بأنفسنا كل أخطائنا الإملائية والطباعية.