آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-01:41م

أسد دثينة (المسودي) وموقف بطولي نادر

الثلاثاء - 26 ديسمبر 2023 - الساعة 01:59 م

ناصر الوليدي
بقلم: ناصر الوليدي
- ارشيف الكاتب


لو سألت أبناء دثينة اليوم عن البطل *الشهيد محمد صلاح المسودي* لما عرفه أحد، ولو بحثت في المنطقة الوسطى مثلث ( لودر - مودية -  الوضيع) هل هناك مدرسة أو مستشفى أو منشأة حكومية أو مسجد أو مركز ثقافي أو اسم معسكر باسم محمد صلاح المسودي لما وجدت.
أنا الآن لا أريد أن أكتب عن حياة هذا الغضنفر الدثني وسوف أكتبها لاحقا بكل تفاصيلها.
ولكني اليوم سوف أذكر للقاريء موقفا واحداً ليعرف من هو هذا المسودي ابن ثويرين الذي يجهله ٩٩٪ من أبناء دثينة فضلا عن الجنوب عامة.
.
كان الشهيد محمد صلاح المسودي من حكماء دثينة ورجالاتها الأفذاذ، وكان هو وابن عمه وصهره الشهيد الخضر ناصر المسودي من أبرز مناضلي حرب التحرير، وقد انتخب عضواً لمجلس الشعب الأعلى (البرلمان)، وبعد خروج الجناح الوطني العروبي من حكم الجنوب بعد ما يسمى بالخطوة التصحيحية والتي أطاحت بقحطان الشعبي، وتبعه كل رموز الاعتدال في الجبهة القومية، وسيطر اليسار سيطرة كاملة على البلاد، وبدأت ( الثورة تأكل أبناءها) وجرت تصفيات على كل المستويات، كان من المستهدفين بالتصفية رجل من الوزن الثقيل وهو شهيدنا محمد صلاح المسودي، ولكن كيف السبيل إلى اعتقاله وهو شخص منيع شجاع مقدام مغامر ذكي ؟ 
وجدوا أن الحل هو الخدعة فكلفت إدارة أمن الدولة أحد أصدقاء الشهيد لكي يستدرجه إلى المصيدة، فجاءه صديقه إلى بيته وأوقف السيارة عند باب المسودي، وكان الوقت ليلا وقال له كاذبا: أرسلني إليك الرئيس وهو الآن ينتظرك في دار الرئاسة، ولكن المسودي بحاسته الأمنية شعر أن في صوت صديقه نبرة غدر، فقال له انتظرني حتى أغير ملابسي، وفي الداخل غير ملابسه وأخذ مسدسه وعمره استعدادا لأي طاريء.
وجد المسودي السيارة تنتظره بجانب بيته، وفيها السائق ورجل آخر من أمن الدولة يجلس في الكرسي الأمامي، وركب هو وصديقه في الكرسي الخلفي.
تحركت السيارة وبدلا من أن تتجه إلى التواهي حيث دار الرئاسة انحرفت إلى خور مكسر حتى تجاوزت معسكر النصر باتجاه الشيخ عثمان، وتركها المسودي تسير في ظلام الليل، فسحب مسدسه وأطلق منه طلقة واحدة في رأس صديقه الغادر فأرداه قتيلا، ثم طلقة أخرى في رأس الرجل الجالس في الكرسي الامامي ، ثم طلقة ثالثة في رأس السائق فألحقه بصاحبيه، وانحرفت السيارة حتى خرجت من الخط، ثم توقفت، فنزل منها المسودي ليسحب الجثث الثلاث ومن ثم يقودها ليهرب إلى مكان آمن. ولكن كانت هناك سيارة أخرى تابعة للاستخبارات العسكرية تتبعهم، فتبادل معها المسودي النار حتى ارتقى شهيدا وسبابته على زناد مسدسه، قاتل بكل شجاعة وبسالة وثقة حتى آخر نفس رحمه الله.
وقد كان لهذه العملية دوي كبير، إذ إنها بثت الرعب في قلوب زوار الفجر وأخذوا بعدها يحسبون لكل عملية ألف حساب.
كانت هذه الحادثة عام ١٩٧٢م 
واختفت جثة البطل الحكيم محمد صلاح المسودي ودفنت معه قصته ونضاله وتاريخه بل واسمه إلى اليوم.
ولكن يأبى الله إلا أن يبرز أبطال دثينة إلى صفحات الخلود وسجلات التاريخ

وكم فيك يا دثينة من أبطال !
.

تابعونا