آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-12:33ص

أبي لقد فاق أشتياقي لك

السبت - 23 ديسمبر 2023 - الساعة 07:46 ص

محمد عوض حسن
بقلم: محمد عوض حسن
- ارشيف الكاتب


"عندما يفقد الإنسان الأحباء، يجد نفسه يتغير تمامًا، كأنه يعيش في عالم مظلم تختفي فيه أشعة الشمس وتتلاشى الألوان. يتلاشى الضحك من وجهه ويغيب الابتسامة من شفتيه، وتحل مكانها الحزن والحنين.

وهل تعلمون ماهو اصعب من الموت هو فراق الاحباب وفي اعماق الحزن وفي وجه الصدمات ،يتجلى بريق القوة الحقيقية في الإنسان .فبينما يرتجف القلب وتتلاشى الامل يتمسك الإنسان بالشجاعة والإصرار ويبني جسرا من الصمود فوق أمواج الالم .

وفقدان الأحباء يشكل صدمة قوية تهز أركان الإنسان وتهدم توازنه الداخلي. يعيش في حالة من الألم والتشتت، يجد صعوبة في التفكير والتركيز. يتغير تصوره عن الحياة والعالم من حوله، وتتحول الأمور السابقة إلى ذكريات غائبة.

لكن في تلك اللحظات الصعبة، ينمو الإنسان ويتطور. يكتشف قوته الداخلية وصبره العميق. يتعلم كيفية التأقلم مع الفقدان والتعامل مع الألم. يفتح قلبه للشفاء ويسعى للخروج من ذلك الظلام المكبوت.

برغم من المحنة والمعاناة، يكتشف الإنسان جوانب جديدة من ذاته. ينمو في الحكمة والقوة، ويصبح أكثر تقديرًا للحياة وللأشخاص الذين يحيطون به. يتعلم كيفية التعبير عن مشاعره وتقديره للحب والانتماء.

وفقدان الأحباء يمكن أن يكون بداية لرحلة النمو الروحي والانفتاح على تجارب جديدة. يمكن أن يدفع الإنسان إلى التفكير في معنى الحياة والبحث عن هدف أكبر. يمكن أن يوقظ رغبته في إحداث تغيير إيجابي في حياته وفي حياة الآخرين.

إنها تلك اللحظات التي تكشف عن قوة الإرادة اللافتة للنظر، حين يبدأ الإنسان في مواجهة المصاعب بكل ثبات. يتحدى الظروف القاسية ويتجاوز حدود اليأس، مؤمنًا بأن هناك ضوء في آخر النفق، حتى ولو كانت الظلمة تحيط به من كل جانب.

ففي تلك اللحظات الحرجة، يتعلم الإنسان كيف يستخدم الألم كوقود للتغيير والنمو. يبني قوة داخلية تعينه على اجتياز أي امتحان قدمه له الحياة. يتعلم أن الضربات القاسية لا تكسره، بل تصقله وتطوره إلى أن يصبح أقوى وأكثر إلهامًا.

فبعبوره لتلك الظروف الصعبة، يترك الإنسان أثرًا قويًا في نفسه وفي من حوله. يصبح قدوة للآخرين ومصدر إلهام لمن يعانون. يعلمهم أن القوة الحقيقية لا تكمن في عدد الضربات التي تتلقاها، بل في قدرتك على الوقوف مرة أخرى بعد كل سقوط.

وفي عمق الحزن والصدمات وفقدان الأحباء، يكمن الإنسان القوي الذي لا يستسلم. إنه يبني ثقته على أساس الصبر والإيمان، ويتحدى الظروف بكل شجاعة. فلا يمكن أن يسلبه أحد أبدًا قوته الداخلية، فهي تنبع من عمق روحه وتزدهر حتى في أصعب الأوقات.

فعلى الرغم من أنه يتغير ويتحول، يحمل الإنسان دائمًا في داخله قوة الشفاء والنمو. يمكنه أن يبني حاضرًا ومستقبلًا جديدين بعد الفقدان. فبالصبر والعزيمة، يمكنه أن يعيش حياة مليئة بالفرح والمعنى حتى وإن كانت ذكرى الأحباء الذين فقدهم محفورة في قلبه إلى الأبد.

ولن نكون من السهل تجاوز هذا الفقد فالأب هو شخص لايمكن استبدالة ومع ذلك يمكنك أن تستمد القوة من الذكريات الجميلة والحب التي تشعر فيه نحوة .. رحمه الله عليك ياوالدي وأسكنك ربي فسيح جناته وسوف تضل حي في قلوبنا إلى الائبد