آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-03:36ص

قراءة لفنجان طاغية الكهف

الثلاثاء - 19 ديسمبر 2023 - الساعة 11:44 م

عبدالسلام القيسي
بقلم: عبدالسلام القيسي
- ارشيف الكاتب


 

هل علمتم مرة كيف يعيش الطاغية وهل تخيلتم حياته على رؤوس القتلى وشعور النساء وجماجم الأطفال ، كيف ينام ، هل يضحك ، وأجنحة قلبه هل ترفرف ، مثلما قلوب العالمين ، والذين حوله أينامون بطمأنينة ، أحاديثهم هل هي مسكونة بالرضا ، خطواتهم ثابتة ، كل شيء له وعليه ، معه ولديه ، هل فكرتم ماذا يحدث لكل طاغية ؟

قبل ذلك ، يبزغ الطاغية من قلب الكارثة ، يستعيد قليلا من الطمأنينة المفقودة قبل ظهوره فيرضخ الشعب ، أي شعب في هذه الكرة ، تماما مثل الفتى القابع في الكهف عبدالملك الحوثي ، السيد الذي أستغل انفراط عقد الدولة وتشكل جماهيرية عريضة للفوضى فأقبل بتذلل ككلب يلاعب صاحبه ، هازا للجميع رأسه ، يتحدث ألف لغة ، أنحني لك ، زاندجيه ، ويمارس اللاطبيعته في الذود المقدس عن حقوق الشعب اليمني وهناك سقط اليمني ، من كل فج ، في الفخ ، ليتضح له بعد وقت قصير ، أقصر وقت للطواغيت عبر التاريخ في خلع أقنعتهم ، سقط القناع عن القناع كما عبر درويش لكن الأدهى من ذلك كله ، أن كل طاغية هو أتعس من شعبه

لا زلت منذ صغري أتخيل القط في تفاصيل سعادتي ، القط الذي كان نائما وألقيته على رأسه الحجر ، أنتفض كل مرة مذعورا ، لماذا قتلته ؟ كنت طفلا ، لكن لا يحق لي ذلك ، انه روح ، يجوع ويشبع ، ويفرح ، ويمارس الجنس ، انه قط ، لم يرتكب جرما ، وكلما تذكرته يخطر السيد ، قدس الله تعاسته ، وهل ينام مثلنا بهناء ، هل له الضحك ككل فتى صغير لقي ورقة مالية صدفة بالطريق ، كأربعيني يتذكر مع زميله في المدرسة كيف غازلا استاذتهما وكيف طردتهما من الفصل ، ونابليون العظيم ، بونابرت الذي لم يهزم قط ، الذي مهد العالم هزمته زوجته ، لقاها تعاشر كلبا ، هذا جانب واحد من الحيوات التعيسة للطغاة ، لم يحض بشرف العشق من زوجته بينما زوجة الفقير تصون حبها له وهي تنام بلا عشاء

في مشهد من حياة طاغية لجان بول سارتر ، عند اقتحام الثوار لمبنى حكومة المدينة ، جمع جان اجيرا ( الطاغية ) وزراء دولته ، وخاطبهم ( اعتقد ان نصفكم خونة ، وطفق يثبت من الخائن ، أنت ، لا لا لا ، بل أنت ، اما انت فلن تكون خائنا لقد أحببتك كثيرا ، وفجأة يقتحم الثوار المقصورة ، يتقافز كبراء دولته واحدا تلو الآخر ، مع الثوار _ كلكم ، عال ! عال جدا ! يبقى داريو حتى الأخير ثم ينضم اليهم

 - وأنت ايضا يا داريو

داريو لا يرد ، يكلمه جان ( كنت أحسبك تحبني ) يرد داريوا ( أجل كنت أحبك ، لكن ما الفائدة )

نعم الفائدة قد ذهبت ، هذا مصير كل طاغية ، يفدي الفقراء بعضهم حفاظا على حصيرة وكوبا من الحساء ، ليتعظ السيد الذي أسال البلاد بين قدمي أتباعه ، مؤكدا ستكون نهايته هكذا ، ليتعظ ، لكل طاغية خونته ، هم سوف يخونوه يوما ما وسيلطمونه أولا ، أثق ، أثق بذلك جيدا ، فالطغاة يعيشون بخوف رهيب ، تحوطهم أنفس خائنة ، تعلمت منهم الخيانة ، ان أنت اللحظة تلك سنرى المشاط يقفز ، وسيحاول محمد علي الحوثي اعلان براءته ، والحاكم ، وجميعهم شغمة طغيان هذه المرحلة وكل واحد سيصرخ :
لست انا ، بل ذاك ، انه هو .