آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-08:27م

بداية النهاية

الإثنين - 11 ديسمبر 2023 - الساعة 11:29 ص

جاكلين أحمد
بقلم: جاكلين أحمد
- ارشيف الكاتب


مع مرور الوقت، وفي كل يوم تغيب شمسه لتستبدل بشمس أخرى وأمل آخر وحياة لها بداياتها ونهايتها، تمر كل عقول البشرية على حد سواء بنفس كميات الفهم والمعرفة فليس هناك عقل لا يفكر وأخر مفرط التفكير جميعها تستخدم نفس كمية الهواء شهيقا لتطرده زفير على مستوى واحد لكننا نختلف في قدراتنا الفكرية والاستيعابية، وفي كثير من الحالات تلعب الأسرة والمجتمع ووسائل الإعلام المقروءة منها والمسموعة والتكنولوجيا التي تطورت بسرعة هائلة دورا لا بأس به في تكوين محصلات تلك الأفكار والمخرجات ضمنا لمدخلاتها التي غذتنا بها عنوة وليس صدفة.

وفي الحقيقة أن وسائل الإعلام والتكنولوجيا  في زمننا هذا تلعب الدور الأكبر فلم يعد عالمنا قرية مقفلة بل أصبح كوكب مترامي الأطراف واسع الأفق يمكنك حصره عبر شاشات الإنترنت، ومواقع التواصل الأدبية والثقافية، والدورات التدريبية، وجلسات الحوار المنتشرة، وعالم الذكاء الاصطناعي حديث العهد شديد الخطورة.

وتكمن المشكلة في حالتنا المتدهورة أن كل قنوات التواصل الثقافي المزعومة الملغومة  التي أتيحت لنا استخدمت بطريقة مغلوطة إما أن أحدهم أوصلها إلينا بتلك الطريقة أو أنها الاختيارات الخاطئة التي تفسد كل ما هو صالح  فأنبتت بذرة فاسدة أفسدت لاحقا كل البذور من حولها وتركت طريقنا المعرفي متعفن شديد الانحدار نحو الهاوية، وجيل فقد أغلب الطرق المعرفية الصحيحة وحلت محلها وجبات معرفية سريعة وموجهة، جيل اليوتيوب، والواتساب، والفيس بوك، وتويتر وغيرها.

كل تلك الهالة التكنولوجية كان من المفترض أن تصنع عقول أكثر دسومه ونضج، صاحبة نظرة ثاقبة تعمل لتبني لا لتهدم، لها خياراتها الأكثر نضجا ودراية وقوة.

لكنها وللأسف كلما تعددت، كلما انحسرت الأخلاق والفضائل وأصبحت في خبر كان وأصبح المجتمع أكثر تشتتا وضياع. وبدلا من أن تقودنا التكنولوجيا والقنوات المعرفية والإعلامية تلك نحو التطور والبناء والخروج بالشكل الصحيح إلى المستقبل، أصبحت تجرنا بعنف نحو الدمار البشري والأخلاقي والهرولة السريعة نحو الضياع  وكأنها بداية النهاية.

ولكل إنسان منا خياراته التي إما أن تصنع بداياته أو أن تذهب به إلى النهايات