آخر تحديث :السبت-21 ديسمبر 2024-02:54م

غزة ماذا بعد؟!

الخميس - 23 نوفمبر 2023 - الساعة 03:12 م
منصور الصبيحي

بقلم: منصور الصبيحي
- ارشيف الكاتب


كم مرة يصّرح نتنياهو ويتبجح بأن العالم حاول صدّهم عن اقتحام مستشفى الشفاء فاقتحموه، وبالرغم أنهم لم يعثروا على شيئ مما سوقوه مسبقا للإعلام وبأن أسفله مدن أنفاق وغرف عمليات تدين حماس!. وكم مرة يصّرح بلينكن بأن البيت الأبيض طلب من إسرائيل تجنّب المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني، إلا أنه وعقب كل تصريح يخرج للعلن يُقدم الجيش الإسرائيلي على إرتكاب فظائع جديدة بحق نساء وأطفال بلغت حد إستهداف مدارس تأوي نازحين تديرها وكالة الأنروا التابعة للأمم المتحدة!.

ثمة أسئلة تطرح نفسها عن الولايات المتحدة الأمريكية وعن متابعتها مع إسرائيل هذا الإنحدار القيمي والسقوط الأخلاقي وبفضاعات تُرتكب بحق أهل غزة تفوق فظاعة مدينتي هورشيما ونجازاكي؟ وكيف لها أن تجرؤ تتكلم يومًا بأسم حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية في ظل هذا الإجرام الممنهج الذي تساعد عليه إسرائيل.

وكما يُلاحظ هذا الإصرار الأمريكي الغير مسبوق، يقابلهُ عجز للدبلوماسية العربية عن إيقاف هذه المجاز، ومن الواضح أنها إلى الآن لا تلقى أذان صاغيةً لدى البيت الأبيض، وما زال يُجازف في حرب حماس بقوة رغم ما ينطوّي عليها من مخاطر بألتاكيد ستنعكس سلبًا على السلم والأمن العربي خاصة والعالمي عامة وهذا ما يفسّرهُ جولة الوزراء العرب بدءاً بالصين وروسيا.

والمعروف بأن تأثير القوتين العظميتين محدود للغاية على إسرائيل ولا تملكان إجبارها او إقناعها بأي شكل من الاشكال لإيقاف الحرب، فالمغزى والهدف من هذه الجولة المكوكية لا يفتهم سوى من السياق ذاته تلخصه المواقف المشتركة والمعبّرة عن تطلعات الجانبين وابدتها دولًا عربية فاعلة حيال أزمة أوكرانيا ومشكلة تايوان، وترغب تلك اليوم في مبادلة المواقف بالمواقف ولإيجاد أرضية ضاغطة على إسرائيل، هذا من جانب ومن حانب أخر تهدف لصناعة حاجزًا شرقيًا وافريقيا منيعًا حول إمتدادات الجزيرة العربية جنوبًا خوفا توسع رقعة الحرب وينتج عنها تدّخل دولي مباشر في الحرب الدائرة مع الحوثيين بما يخلط جميع الأوراق ويعقد مسألة المصالحة وبالتالي إفشال مهمة السعودية وإرجاعها للمربع الأول.

وكما هي دائما عودتنا السياسة الأمريكية أن تعمل حساباتها إزاء أي تحديات تتوقعها عن بعد وتنتقل حواليها وخلالها من مربع وإلى مربع تخلق الذرائع توجد المقترحات والحلول إلى قرب احساسها بالخطر فتبرز الوجه القبيح منطلقة من فلسفتها العسكرية كنافذة تفتح من خلالها على الشعوب التي تنالها والمخالفة لإرادتها بالألام والمخاطر.

فالعملاقين الروسي والصيني ومتابعة طريقهما باتجاه نفط صحاري الربع الخالي والخليج العربي ثم دول الشام وصولًا لمصر هو ما يؤرّق الأمريكان ومن بعدهم الأوربين، ولا يمكن صدّها وتكتيمها سياسيا على ضوء التحولات في العلاقات التي تنحو إليها بعض دول المنطقة اليوم إلا بضغوطات تمارس عليها وبتهديدات تطال الآبعاد.الاقتصادية والأمنية للمنطقة نفسها.

وما حرب غزة سوى مدخل لاختلاق الأسباب والذرائع التي تمكّنها من الوصول للحلقة الاضعف (اليمن) ذات الكثافة السكانية والبعد الأمني والإستراتيجي لدول الخليج؛ ولمصر وذلك لما لمضيق باب المندب من أهمية كمعبر ثلث التجارة العالمية أغلبها قادم من الجزيرة العربية كنفط وغاز يتّدفق من قناة السيوس وإلى العالم.

 وبحكم أنها منطقة رخوة ولديها اكثر من مشكلة وثورة تجري على اكثر من صعيد وجانب، إذ تعتبر مكان مثالي للإستقطاب السياسي، وميزتها مازالت تقبع تحت البند السابع من القانون الدولي  منذ ٢٠١٥ وأمريكا وبريطانيا من ضمن الرباعية الدولية ومن أحد قُطبيها الرئيسين المخول بها لهذا هي تصبح من أقرب المواقع لقبول التحدي الغربي وللف الخناق على العرب من جهة الجنوب بذريعة مواجهة الحوثيين وحماية الملاحة العالمية من تهديداتهم.


.