آخر تحديث :السبت-23 نوفمبر 2024-10:41ص

حضرموت ومعادلة السلام في اليمن

السبت - 18 نوفمبر 2023 - الساعة 12:08 م
د. عبدالعزيز صالح جابر

بقلم: د. عبدالعزيز صالح جابر
- ارشيف الكاتب


تمثل التسوية السياسية نهاية حتمية لأي حرب مهما طالت ، واليمن  ليس استثناء ، حيث تلوح في الأفق ملامح للتسوية السياسية وانهاء الحرب والتي تقود جهودها المملكة العربية السعودية بدعم اقليمي ودولي ، مع اليقين أن هناك الكثير من العقبات التي تقف حائلا أمام تحقيق السلام المستدام والمنشود، فهناك فجوة تتسع وتزداد يوما بعد يوم بين الأطراف اليمنية الفاعلة في المشهد السياسي والعسكري، لكنها سوف تذوب متى نجحت المقاربات الاقليمية والدولية في تقريب وجهات النظر وممارسة الضغوطات على الأطراف اليمنية الفاعلة في المشهد السياسي والعسكري لتقديم التنازلات لبعضها لضمان سير قافلة التسوية وتحقيق السلام المستدام ، هنا يمكن ان ينطلق قطار اليمن نحو اعلان انتهاء الحرب وتوقيع اتفاق السلام الذي ينتطره ابناء اليمن .

ومع هذه المتغيرات المتسارعة في رسم خارطة للسلام في اليمن بدأ الشارع الحضرمي يتساءل عن موقع حضرموت في خضم هذه المناقشات، خاصة مع عدم الاعلان عن موعد انعقاد المؤتمر التأسيسي لمجلس حضرموت الوطني لاعلان قيادته وانطلاق مسيرته وبرنامجه السياسي والذي يتطلع اليه الحضارم بمشاربهم واتجاهاتهم السياسية والفكرية والاجتماعية كافة في ان يتبنى مطالب حضرموت في ان يكون لها تمثيلا عادلا في مشاورات الحل النهائي وموقعا يليق بحضرموت ارضا وانسانا في المناقشات الحالية والمستقبلية لرسم خارطة الطريق للسلام المستدام وبما يضمن حقوق حضرموت في السيادة على ارضها وثرواتها ،ونيلها التمثيل العادل في السلطات العليا السيادية السياسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية والعسكرية والامنية والديبلوماسية بما يتناسب مع موقعها الريادي وثقلها السياسي والاقتصادي والجغرافي. 
لكن ولما تم ذكره سلفا هناك حقيقة يغفل عنها الحضارم للاسف وهي سبب ما لحق بحضرموت من ظلم واجحاف خلال المراحل السابقة ، يتمثل ذلك في ان الصوت الحضرمي لم يتوحد حول القضية الحضرمية علاوة على عدم الاستفادة من مقومات مهمة وحاسمة تمتلكها حضرموت ومنها يمكن ان تحقق ما تصبو اليه من السيادة والعزة والكرامة ، وان القوى الحضرمية لم تعمل بمبدأ أن الحقوق لا توهب بل تنتزع ،وهي حقيقة فطرية ومنطقية وشرعية ،ولا ينبغي أن يجادل فيها أحد.

هنا يمكن القول انه لا تكتمل البداية إلا بنهايتها، ولا تكون النهاية حتى تتولد منها بداية ، ففي لحظات انتظر الجميع اعلان مجلس حضرموت الوطني ، وراقب الحضارم تحركاته وانتظروا اللحظة الحاسمة مع اختلاف في المؤمل والمرجو منه، لكن طال الانتظار دون ان تلوح في الافق اي نتائج ملموسة ، والاحداث تتسارع وربما تتجاوزهم ويندمون ولات حين مندم ، وهذا يؤكد اننا كحضارم اليوم قبل غد بحاجة لهبة الحضارم وتلاحمهم وطيهم لصفحات الخلاف والشقاق لنستعيد حقوقنا ووضع حضرموت في مكانها الذي تستحق بعيدا عن الظلم والتهميش ، ولن يتم الا بوحدة الصف وتنازل بعضنا لبعض بعيدا عن الذاتية والاجندات البعيدة عن مصلحة حضرموت .

ومن خلال متابعة واستقراء الوضع في حضرموت خلال الفترة الماضية فقد استوقفني حالة بعض الحضارم من منتسبي القوى السياسية والمكونات المجتمعية وبعض المفكرين والكتاب الذين انقسموا إلى فريقين يتخاصمون ويتنابزون بالالقاب وتجاهلوا أخذ الدروس والعبر من حالة الشقاق والتنازع ، من خلال ارائهم وافكارهم وكتاباتهم والتي جميعها تفرق ولا تسد ، وكل واحد منهم يدعي الوصل بحضرموت وحضرموت لا تقر لهم بوصل ، لذا نضع بين ايديهم هذه الحقائق ونقول لهم: 
ماذا تعلمنا من تشرذمنا ؟!
- تعلمنا أن المحن والشدائد تكشف معادن الرجال وتمحص القلوب وتكشف النوايا الدفينة وتظهرها للعلن ،فكم هي المحن التي عصفت بنا كحضارم ..فهلّا تعلمنا الدرس  ؟!.
- تعلمنا أن الحقوق لا توهب وإنما تُنتزع انتزاعاً !.
إذاً نحتاج وحدة الصف والكلمة والمبادرة بالافعال لا التنظير والأقوال .
- تعلمنا أن أصوات الحضارم  الصادحة بحقهم في سيادتهم على أرضهم وإدارتها عسكريا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا عبر وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي  أقوى من الرصاص المندفع من فوهات البنادق والمدافع ، وهي الصوت والسلاح الذي لا يخطئ الهدف .
- تعلمنا أننا يجب أن نلتف حول قيادة حضرمية الهوى والهوية متوافق عليها تحمل رأية حضرموت عاليا بعيدا عن الحزبية والعصبوية المقيتة ، وألا يكون ديدننا التسفيه والانتقاص أو الطعن والتشكيك، فكم من مخلص جهلنا قدره ، وندمنا حين لا ينفع الندم. 
- تعلمنا أن رص الصفوف سبيل النجاح ونبذ الخلاف مصدر القوة ، فما أحوجنا للتلاحم والغض عن العيوب والنقائص وتغليب مصلحة حضرموت العامة على مصلحة الافراد الخاصة .
- تعلمنا أن التنازع سبب الفشل قال تعالى : { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}