آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-02:11ص

الطوفان

الجمعة - 17 نوفمبر 2023 - الساعة 01:03 م

حسين السليماني الحنشي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب


يحكى أن شباباً من فلسطين من مدينة "غزة" التي يهاجمها اليهود، بكل ما أعطوا من قوة، من حكام العالم كله. يريدون تهجير أهلها فدمروا المشافي وقطعوا الماء والكهرباء وأحرقوا مزارعها وقوارب صيدهم. 
كان هؤلاء الشبّان يمتلكون قارب صغير يجوب به أغلبهم ـ بحر غزة ـ يصطادون بعض السمك.
يوزعونه فيما بينهم...
اعتاد هؤلاء الشباب العمل في شواطئ بحرهم المكلوم...
لايريدون من العالم الظالم شئ غير، ماغرسته أيديهم، في تربة أرضهم، من فاكهة وطنهم  وسمك بحرهم...
كانت أصواتهم الجميلة تنشد دائماً وطنهم المسلوب، أثناء تنقلهم بقاربهم المصنوع يدويا، والذي يخوض السباق الأمل والتفاؤل كما يحلم به البشر، فكان يقف خلف هذا البحر وخلف البر، خلق كثير...
كانوا من بني جلدتهم، وكانت تربطهم روابط الدين واللغة والأرض...
يقف هؤلاء الخلق ومن خلفهم آخرين، مستمعين لأصوتهم الأخّاذة، فتسرب الحب الشديد بين شباب "غزة"  ومن يقف خلف البحار والمحيطات، لكن لايستطيع الجميع الخروج من الكلاب البوليسية، شديدة الخطورة على الأرواح!
لكن من استطاع أن ينجو بأعجوبة منها ، لايستطيع أن ينجو من الكلاب القريبة من غزة ، والتي تم تربيتها في البيت الأسود!! فأصبحت أشد خطورة من نظيرتها...
لكن أعتاد أهل غزة على تلك الكلاب ردحا من الزمن!
فلا يستطيع أحد أن يذهب إلى العالم الآخر ...
وهكذا مارس الجميع حياتهم بأنفسهم.
فصنعوا الفأس، والحراب والسكاكين ، ومصانع تعينهم على البقاء.
وبنوا منازلهم على أشلاء ودماء الشهداء منهم!
كانت الكلاب القريبة والبعيدة تعلم بقصة ـ الحب ـ بين الشعوب البعيدة والقريبة لهؤلاء الشباب من غزة الذين أدهشوا القريب والبعيد، بصمودهم لسنين عجاف على أبشع مخلوق بشري لايعرف المواثيق والعهود! ومن علّم أغلب سكانه وجيشه على الاستعلاء على الآخرين وعدم التسامح والتعايش مع أي فرد، صغيرا، كبيرا، شابا، أو حتى مريضا!
كل هذا أخذه من تعاليم أجداده (...) والإفصاح بالحب لهؤلاء الشباب، جريمة رغم أنها تعي جيداً بأن تلك الشعوب وهؤلاء الشباب يتبادلان الحب، لكنهم يخشون الكلاب ! 
وبعد مرور مدة من الزمن حدثت حادثة،(الطوفان) أودت بحياة كثير من تلك الكلاب المسعورة!.. فحزنت الكلاب البعيدة والقريبة على فقدان بعضهم، وحزنت حزنا شديداً لم تحزنه من قبل!!!
بعدها تكالبت تلك الكلاب وأتت من كل مكان تواسي مدللها الحبيب...
لكن تداعت الأحلام عند الشعوب  القريبة والمحبة للسلام فقامت لها الدنيا ولم تقد.
أتت المساعدات لهم خوفاً من الشعوب؛ لكن الكلاب أفرقتها من الداخل إلا من (فتات) وأوهمت شعوبها عندما كتبت على تلك الصناديق رموز بلدانهم... 
أو رسمت عليها أسماء المساعدات التي لاتغني ولاتشبع من جوع.
فجلس أهل غزة يغسلون موتاهم وملابسهم والاواني من ماء البحر الذي لم يعد كما كان...
وهنا رأيت الطوفان يمسك الشمس قبل أن توشك على الغروب!!!