آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-02:06م

عرس في غزة

الجمعة - 10 نوفمبر 2023 - الساعة 09:26 م

سالم الفراص
بقلم: سالم الفراص
- ارشيف الكاتب



تحت القصف ومن بين الأنقاض وفي وأثناء انتشال جثث الأطفال والأمهات من بين الركام وفيما الأدخنة تتصاعد خلال اللهب المنتشر بكثافة في الأنحاء
ارتفعت فجاءة الزغاريد واتجهت الأكف نحو بعضها تناغم بين التصفيق ووقع الإقدام على الأرض ليتكشف المشهد عن لحظة يصعب لا بل يستحيل حتى تخيل حدوثها في مثل هكذا وضع يضج بالصراخ والهلع والخوف والدموع.
كانت لحظة تخلق مغايرة لا يهتدي إليها إلا من أسلمت قوانين الحياة والبقاء أسرارها لهم فأدركوا كيف يحيلون الموت إلى ولادة والدمار إلى أعمار والظلمة إلى ضياء والحزن إلى فرح وسعادة
لحظة نهوض واقتدار عجزت نوبات الأتربة والأدخنة والشظايا المتطايرة أن تحجبها أو تغيب تفاصيلها الملهمة.
لحظة كان مداها أبعد وفعلها أشمل ووجودها أرسخ من قنابل الطائرات المقاتلة وقاذفات أساطيل وغواصات الإرهاب العالمي حين احتشدت لتوقفها وتمنع خروجها وتمحي آثار تحققها اليوم وغدا ومستقبلا.
إنها لحظة عرس غزاوي رصدت تواقيع بزوغها عدسة هاتف خلوي ربما كان لشهيد ارتقى إلى ربه أو لام أوقعته وهي تبحث عن أحباب لها ( آب أو زواج أو ولد أو جار أو قراي) وربما كان لشيخ لم يكمل بعد فنجان قهوته ساند ظهره إلى ركن جدار أو تحت ظل شجرة زيتون واعدة.
عرس شاب وشابة يسيرين بتأدية وخشوع أياديهم متشابكة وخطواتهم واثقة تنتقل على دروب نظرائهم المرسلة إلى البعيد حيث لا توصل عدسات الرؤية الليلية لدبابات المركافا ولا تقدر أن ترصدها مجسات الأقمار الاصطناعية المنشغلة بثقوب الأرض وأنفاق المقاومة موكب عرس لو راؤه نتنياهو علنا على شاشات التلفزيون لما جن جنونه وحسب وإنما يكون الآن قد ذهب بجلطة دماغية. ولو عرضته شاشات أروقة البيت الأبيض على النكرة المسكون بجنون العظمة لماتت آخر خلايا عقلة المتبقية ولراح يهذي بلا وعي ناسي قوته المعروضة على شواطئ غزة التي عجزت عن وقف استمرار الحياة في غزة.
عرس كان من فضائل خضوع القنوات العربية المخولة في نقل وقائع الدمار والقتل ضد الشعب الفلسطيني حصريا لتعليمات عدم نقل أية مشاهد ترفع من معنويات المشاهد العربي
قنوات موجهة كان قد جاء تجاهلها المقصود والمتعمد له كذا مشاهد سامقة لصالح سلامة وإتمام هذا العرس وضمان تحققه والذي لو نقلته عدسات القنوات العربية لكانت قد ذكرت أسماء العريسين ومكان إقامتهم وذكر أسمائهم مسهلة بذلك قصفه وتسويته بالعدم الذي تسعى إسرائيل ومن يقف ورائها تمجيده وتخييمة على مصير وتطلعات وأحلام الإنسان العربي وشعوب العالم الحرة وفي المقدمة منهم عرس غزة.