آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-03:36ص

قصة مالك محل الدجاج الملتحي!

الخميس - 05 أكتوبر 2023 - الساعة 09:31 ص

جاكلين أحمد
بقلم: جاكلين أحمد
- ارشيف الكاتب


في الفترة التي عدت فيها إلى عدن قبل سنتين من الآن ، كنت بعد إيصال ابنتي إلى المدرسة أمر على محل لبيع الدجاج على طريقي.

صاحب المحل يطلق لحيته ويلبس إلى ما تحت الركبة بقليل ويهرول إلى المسجد عند كل صلاة.

لكنه غضوب شديد التجهم لا يبتسم أبدا عصبي سليط اللسان وردوده دائما حادة أخلاقه لا يمكن لأحد أن يتحملها وكنت أستغرب منه.

لاحظت كيف يضرب القطط ويهش العصافير والحمام وحتى الغراب العنيد كان يخافه ويهرب.

في أحد الصباحات عندما كنت أنتظر أن ينتهي من تقطيع الدجاج الذي طلبته في أكياس وأثناء انتظاري اقترب رجل من عمال النظافة يحمل (مكنسته) بيده بشوش الوجه مبتسم يمازح كل من يمر بجانبه والجميع يمازحه ويبدو عليهم الأريحية وهم يحدثونه ويمازحونه.

اقترب عامل النظافة ذلك أكثر ينظف هنا ويلتقط ما يمكنه التقاطه من أوراق وعلب وغيرها، وبكل هدوء رفع يده بالتحية لصاحب محل الدجاج وقال بصوت هادئ: صباح الخير.

وهنا بدأت معركة حامية من طرف واحد وهو صاحب محل الدجاج صاح بصوته عاليا وبتهديد واضح (طير من هنا) ما فيش حاجة اسمها صباح الخير قول (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

وبدأ يبرطم ويسب ويشتم عامل النظافة، كنت مذهولة من تصرفه هذا. هل كانت جملة صباح الخير التي ألقاها عامل النظافة على هذا الرجل تستحق كل هذه الحرب الكلامية التي قادها صاحب الدجاج دون أي ردة فعل من عامل النظافة الذي ابتعد مطأطأ رأسه حزينا بعد ماتلقاه من كلام قاس وموجع بسبب جملة (صباح الخير).

كنت أنظر إلى وجه هذا الرجل القاسي واكتشفت أن حتى ملامح وجهة قاسية تماما كأخلاقه وكان الغضب يقطر من كل مسامات وجهه وجسده، ولو كان بإمكانه قتل الرجل ساعتها لفعل دون تردد.

قررت يومها أن لا أشتري منه وأن أتكلف عناء الذهاب إلى (السوق) بدلا من الشراء من رجل مدع يطلق لحيته ويهتم بتقصير ثوبه وإقناعنا أنه يهرول للمسجد تقوى وهو أبعد عن التقوى والصلاح والسلام الذي يطالب الناس بأن يؤدوه.

السلام والأخلاق ليست مجرد لحية ولأثوب ولاحتى عمامة. السلام أن يسلم الناس من سوء أخلاقك وعجرفتك ولسانك وأن يحبوك لخلقك وتعاملك الطيب وأن يأتوك فرحا يطلبون ودك وقربك محبة لا خوف ولا طلب لحاجة.

والإحسان أن تحسن باطنك قبل أن تهتم بظاهرك وتهمل الباطن. لأن إحسان الباطن يعكس نفسه دون تكلف وتصنع.

أحسنوا أخلاقكم تحسن صوركم ويأتيكم الناس بالسلام، ويراكم الله حين تعاملون الناس محبة فيه وتقوى.