آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-06:46م

لا تعش وكانك مركز هذا الكون

الأربعاء - 04 أكتوبر 2023 - الساعة 08:04 ص

جاكلين أحمد
بقلم: جاكلين أحمد
- ارشيف الكاتب


في حياتنا اليومية تقلباتنا واردة وحالاتنا قد تتغير بموقف أو كلمة أو حتى صمت. هذا التغير لا يعني أن الإنسان الذي يتفاعل مع المواقف والأفعال من حوله بلا مبدأ أو ذائقة بل وعلى العكس هي تعني أنه كائن حي يتأثر ويتفاعل ويعيش ويتعايش.

الجمود لا يعني أنك صاحب مبدأ لا يقهر أو ذائقة رفيعة كما يحاول البعض أن يعكس هذا للأخرين بل هذا يعني أنك متحجر لاتقبل التفاعل ولاتقبل تفاعل الآخرين وهذا عكس الطبيعة البشرية.

الأذواق أيضا لا تعتبر حكرا على نوع من البشر ولا تعتبر ذائقتك أو رغباتك فرض على من تبقى في هذا الكوكب وعلى الجميع أن يسير حسب ذائقتك ورغبتك وميولك ليكسب رضاك ويكون عند حسن ظنك.

وعليك أنت أن تتعلم أن تحترم ذائقة ورغبات الآخرين من حولك وأن تترجم ثقافتك التي تدعيها في تقبلك لاختلاف الآخرين عنك لا بتجميد ذوائقهم ورغباتهم وتفاعلاتهم بزعم أن كل ما يختلف عنك  هو لا شيء.

الإنسان بطبعه متفاعل فقد يكون بحالة نفسية جيدة ويسمع مقطع لأغنية يشعر حينها أنه يعبر عنه فيعجب به أو يقرأ نص في كتاب فيخالجه الإحساس أنه يتحدث عنه، وليس بالضرورة أن يكون ذلك المقطع أو الفيديو لام كلثوم أو عبد الوهاب أو كاظم أو أن تكون الكلمات لمحمود درويش أو أمل دنقل ليتناسب مع ميولك الذي تكولست حوله،   لأن الحالة التي يعيشها ذلك الشخص في ذلك الوقت لا تعبر عنك ولاتخصك.

ولا علاقة لك بها، بل هي تعبر عن صاحبها وتخصه في حينها وكل ما عليك أنت أن تحترم حالته تلك وميوله ورغبته التي قادته للإعجاب بشيء ما في ذلك الوقت.

وعليه فإن التفاعل الإنسان مع حالاته ومحيطه ومواقفه شيء جيد وانتقاله بميوله وذائقته طلوعا أو نزولا لا يخصك وليس لك أي الحق في تحقيره أو الاستهزاء به تحت حجة يصورها لك عقلك أن ذائقة الجميع وميولهم وتصرفاتهم يجب أن تنطلق من نقطة واحدة اسمها أنت.

هذا لا يلغي تفاعل الآخر مع محيطه وأحداثه اليومية  ويثبت أن الآخر حي يتفاعل مع يومه وإحساسه واحتياجاته على عكسك تماما وأنت تقولب رغباتك واحتياجاتك وإحساسك وحتى ذائقتك في قالب خشبي وتطلب من الآخرين أن يقولبوا كل حياتهم بذات القالب إرضاء لك وحدك وكأنك مركز الكون الذي يجب أن تطوف كل هذه الحياة بمن عليها حوله.

والاختلاف لا يعني أبدا أننا أعداء ويجب أن نخوض الحروب  ليفرض كل منا  وجهة نظره ويثبت أن المختلف عنه خاطئ وأنه الصواب البحت.

في الحقيقة أن اختلافنا غالبا هو من يعطينا فرصة للتعايش والانجذاب والتفاهم لأن التشابه لا يصنع رغبة في اكتشاف الأخر المختلف بل أن التشابه   حد التطابق يجعل علاقاتنا مضجرة غير ذي جدوى.

والمختلف في كل الأحوال لا يعتبر عدوا فالاختلاف لا يعد عداوة ولا يمكننا تصنيفه بأنه رغبة في إلغاء الآخر بل وعلى العكس أن الاختلاف يعتبر لغة أخرى تضاف إلى ثقافتنا التي لا يمكن أن نثريها إن لم نطعمها بقبول لغة الاختلاف لدى الآخر.