الحوثيون والمفاوضات في السعودية

 لاشك ان الحرب في اليمن سببت هاجساً كبيراً لكل الأطراف الإقليمية والعالمية خصوصاً انها مستمرة لفترة جاوزت 8 سنوات ولازالت بعيدة بحسب المعطيات عن الوصول الى الحل النهائي الذي من خلاله يمكن ان يزاح الستار عن اكبر أزمة إنسانية في العالم بحسب تعبير (الأمم المتحدة) . –

 خلال الأشهر الماضية تسارعت خطى الرياض للبحث عن تفاهمات مع جماعة الحوثي تستطيع من خلالها إيجاد أرضية مشتركة يمكّنها من تأمين حدودها الجنوبية وابعاد خطر الطيران المسير الذي ظل يهدد أمنها واقتصادها خلال السنوات الأخيرة ، فبعد زيارة سفير المملكة العربية السعودية محمد ال جابر في ابريل الماضي ولقائه بقيادات لجماعة الحوثي ظل الجمود سيد الموقف لبرهة من الزمن ليعود الوفد الحوثي برفقة وسيط عماني مؤخراً للرياض وتتسارع من بعد هذه الزيارة التكهنات . 

 المتتبع للمفاوضات الجارية حالياً والتي تحمل تفاصيلها تكتم شديد عن مايجري يحاول الحوثين بحسب بعض التسريبات الحصول على اكبر قدر ممكن من المكاسب الاقتصادية التي قد تمد في عمر الجماعة لبرهة من الزمن حيث وأن الجماعة عانت في الفترة الماضية من ضغط شديد من قبل سكان المناطق المسيطر عليها من قبلهم بسبب عدم تحسين وضعهم المعيشي وحيث أن الجماعة الحوثية تمتهن السيطرة على الإيرادات وتفرض الجبايات على المواطنين ولكنها بذات الوقت تمتنع عن تسديد الرواتب ورفع حالة المواطن المعيشية ، لذلك تبحث الجماعة من الرياض على تفاهمات تفضي بتوفير رواتب للمواطنين في مناطق سيطرتها حتى يزاح عن كاهلها الضغط الشعبي الذي ازدادت وتيرته مؤخرا والذي بدون شك قد يتفاقم ويعجل من خروج الشعب ضده هذه الجماعة الإرهابية ، - مايجري في المفاوضات هو أن المملكة العربية السعودية تحاول الانسحاب من تدخلها المباشر في اليمن لأجل مشاريعها الاقتصادية الضخمة التي حددتها لرؤية 2030 وبهذا الانسحاب المستعجل تؤسس المملكة لحروب داخلية يمنية يمنية طويلة الأمد لأن ما يجري ويسرب للأعلام يعطي انطباع أن هذه المفاوضات تسير في اتجاه خطير جداً وهي شرعنة الحوثي كأمر واقع وحاكم للشمال وتمكينه من الموارد الاقتصادية مما يؤهله لبناء دولة مكتملة الأركان ويساعدها في إعادة الدورة المالية مما يوفر لها زخم اكبر . 

- أن أكبر عائق يقف امام السلام الذي يحاول أن يمرر من قبل المملكة العربية السعودية هيا القضية الجنوبية والذي يمثلها حالياً المجلس الانتقالي الذي يعتبر على الساحة هو اقوى فصيل محسوب على الشرعية فلذلك رفض او عدم قبول المجلس الانتقالي بهذه التسوية هو ما سيعرقل مرور هذه الاتفاقية ، حيث يمتلك المجلس الانتقالي الدوافع لرفض هذه التسوية من خلال وضعه للخطوط الحمراء على موارد النفط التي يراد لها ان تصرف ك (مرتبات) لجماعه الحوثي والذي يرى المجلس ان الموارد حق حصري لشعب الجنوب وهذه نقطة الخلاف الكبيرة التي سببت احتدام بين المملكة العربية السعودية وبين المجلس الانتقالي الجنوبي إضافة لهذه الدوافع امتلاك المجلس الانتقالي 3 اعضاء في المجلس الرئاسي وكذلك مناصفة في الحكومة مما يسهل عليه ابطال إي تجاوز للقضية الجنوبية وكذلك عرقلة شرعنة الحوثي وفق الرؤية الحوثية السعودية وكذلك حماية مكتسبات المجلس الانتقالي التي حصل عليها خلال السنوات الماضية والتي تقف حالياً على المحك في حالك ما تم شرعنه الحوثي بعد التضحيات الكبيرة لا بناء الجنوب. 

إن الانقسامات الحاصلة في معسكر الشرعية والتباينات الموجودة في المتحكمين بالملف اليمني يحفز المملكة العربية السعودية على استبعاد كل الأطراف الفاعلة على الارض للبحث عن مصالحها ، فالتفاهمات التي حصلت بين ايران والمملكة رسمت اطار تفاوضي يتم المرور به حالياً في كل الملفات التي كانت شائكة بين الطرفين ، وحديث رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللوء عيدروس الزبيدي لصحيفة الجارديان البريطانية يوم أمس اوضح الصورة بشكل اكبر وبرهن ان المملكة العربية السعودية همشت كل الاطراف اليمنية عن هذه المفاوضات مما سيؤدي في نهاية المطاف لرفض القوى الفاعلة هذه الاتفاقية بدون ادنى شك وقد تتماهى بعض القوى التي ليس لها ثقل على الارض مع هذه الاتفاقيات .