ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض
عندما أمر الله سبحانه نبيه موسى بان يذهب إلى فرعون ليوصلوا له رسالة من الله ليترك ماكان عليه من التجبر والعناد والطغيان وقوله للناس بانه ربهم الأعلى، قال موسى يارب اجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري، الله استجاب لموسى طلبه ولم يقل له لا، مع ان الله سبحانه بقدرته وعظمته كان قادر يقول لموسى، ياموسى قدرتي وعظمتي ستنقذك من فرعون وتنصرك عليه، ما أنت بحاجة أحد، ومن يكون هذا هارون هو خلق من خلقي لايستطيع يفعل شيء وماهو أقدر وأعلم من الله، كان الجواب من الله، سنشد عضدك باخيك، وفي هذا دليل على السعي في الأرض والعمل وتجهيز العدة وحينها يأتي الفرج من الله والنصر، مع ان الله سبحانه قادر ينصر رسله في الأرض من أول وهلة وبدون تعب او جهد أو معارك تدور رحاها على الأرض وينتصر فيها الحق على الباطل، هكذا اقتضت حكمة الله سبحانه أن تسير الأمور في الأرض وفق سنن كونية، وأن يكون للإنسان فيها جهده وتعبه وكده وسعيه، وحينها تتدخل العناية والقدرة الألهية بالنصر المبين، وبعون الإنسان وتوفيقه كي يحصل على الرزق ومتطلبات الحياة، وفي ذلك إشارة أيضا إلى أهمية الإنسان إلى جوار أخيه الإنسان فلايستطيع العيش بمفرده، فكان بداية نواة الإنسان وخلقه الأول اجتماعي من أول وهله حيث خلق الله آدم وخلق إلى جواره زوجته حواء، قال سبحانه،، ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا،،
وبما إن الإنسان خلق من أول مرة اجتماعي بطبعه فلايستطيع العيش بمفرده، واذا فعل ذلك خالف سنن الفطرة التي خلق وجبل عليها، ولوحظ بعد ذلك ميوله للعزلة والإنطواء وحب الذات، وحياة التقوقع والضعف والإنهزامية النفسية، ماذا سيفعل هارون لموسى عندما قال الله لموسى سنشد عضدك باخيك، مع ان الله قادر ينصر نبيه موسى على فرعون بدون وجود هارون، إلا إن الله سبحانه يبصرنا في الحياة بمواقف تحصل على الواقع الحياتي والمعيشي ،مايثبت لنا على أهمية الأخوة، ودفع كل واحد الآخر، وأكد الله سبحانه هذه القاعدة بقوله،، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع ومساجد يذكز فيها اسم الله،، بمعنى حتى شعائر الدين لولا ان الله سخر الناس بعضهم ببعض لهدمت عرى الدين ولضاع الإيمان والتقوى من قلوب الناس لكن شاء الله يجعل التدافع وحث الناس بعضهم ببعض وتعاونهم وأمرهم بالمعروف ونهيم للمنكر فيما بينهم من أسباب بقاء الإنسان ومعيشته وسعادته في الحياة، واذا غابت من حياة الناس هذه الأشياء التي ذكرناها حلت بحياة الإنسان البلاوي والظلم والمصائب، والزلازل، والهلاك وشتى أنواع العذاب الذي يرسله الله على عباده متى شاء اذا وجد الإعوجاج في بني البشر ولم يصلح، والمنكر يحصل ولم ينهيه أحد، قال الله تعالى واصفا بني إسرائيل حينما كان يحصل المنكر بينهم ولم يتناهون فيما بينهم،، كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون،، وقال الله سبحانه لمحمد،، وماكان الله ليعذبهم وأنت فيهم وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون،، بمعنى لايمكن يامحمد يعذب الله قومك أو ينزل لهم العذاب وأنت قائم فيهم تأمرهم بطاعة الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجانب الآخر لايمكن يعذبهم الله ماداموا يستغفرونه من كل الخطايا والذنوب،، وفي اللغة جاءت كلمة ليعذبهم، فعل مضارع منصوب بان المضمرة وجوبا بعد لام الجحود، يعني حتى النصب هذه المرة يختلف مع ان نصب المضارع ياتي كل مرة بعد أدوات النصب،، أن، لن، كي، لام التعليل،، يقول اللغويون ان النصب هذه المرة جاء بعد لام الجحود بان المضمرة وجوبا ليؤكد للناس ان الله لايمكن ان يعذب قوم أو أمة وفيهم رسوله يعمل فيهم بكتاب الله ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ويحثهم على الاستغفار والمؤاخاه وكل الأعمال الصالحة.
# علوي سلمان