المشهد الجنوبي ومتطلبات اللحظة التاريخية
يبدو أن المشهد الجنوبي اليوم أصبح أكثر تعقيدا مما كان عليه قبل 2015 م بدا ذلك واضحا من خلال تداخل الأجندات و تنافسها و وانعكاساتها السياسية وفق ماتمليه مصالحها الاقتصادية ، يقابل ذلك ركود سياسي جنوبي لم يستعد جيدا لمتغيرات المصالح و تبدلات التحالفات الإقليمية و الدولية وهو ما أنتج موقفا سياسيا جنوبيا متخبطا حائرا غير قادر على اتخاذ موقف أو تبنى توجها صريحا وفق ما تتطلبه مصالح و قضية شعب الجنوب .
إن ما يعتمل إقليميا و دوليا له تبعاته على الواقع الجنوبي المحلي ، فهو الذي وضع المجلس الانتقالي في صدارة المشهد طوال السنوات السابقة ووفر له الإمكانيات والدعم ، في سابقة لم يشهدها النضال الجنوبي من قبل .
الواقع الجديد أنتج طبقة من القيادات جميعها تبحث عن المخصص وما يزيد من رصيد الأموال يوضع في حساباتهم الخاصة ، هذه القيادات تعالت على الآخر الجنوبي ونظرت بدونية لكل من هو خارج إطار مكونهم السياسي حتى وإن كان يمتلك فكرا سياسيا و رؤية تتبنى هدف استعادة الدولة الجنوبية .
لغة المصالح الضيقة جعلت أتباع ذلك المكون يصدرون أحكاما تحمل في طياتها تهديدا مبطنا وأحيانا يتحول ذلك التهديد إلى فعل حقيقي على أرض الواقع ، مما جعل الهوة تزداد اتساعا في التعامل مع الآخر ، الأمر الذي ولد زيادة في حالات التشتت والتشرذم الجنوبي ، فبرغم رفع شعارات من قبيل ( اللحمة الجنوبية و التقارب الجنوبي ) إعلاميا إلا أنها فشلت فشلا ذريعا على أرض الواقع ، فلجنة الحوار الجنوبي الخارجي التي أضيف لها الداخلي رغم ما خصص لها من إمكانيات إلا أن المحصلة النهائية لتحركاتها كانت ضعيفة جدا .
مقدمات الجولات السياسية المكوكية لجميع الأطراف ذات الصلة بالمشكلة اليمنية محليا و إقليميا و دوليا توحي بأن وضع القضية الجنوبية سيزداد تعقيدا و تأزما وسيتعرض لضغوطات كبيرة تلقي بظلالها على جميع المستويات وأبرزها ملف الخدمات الذي يزداد ترديا ، ويقابل ذلك عدم اتخاذ موقف من قبل وزراء الانتقالي أعضاء ما يسمى ( حكومة المناصفة ) .
هذا الواقع الجديد أثر سلبا على الشارع الجنوبي و جعل شعبية الانتقالي وقياداته تتراجع ، بل شهدنا انتقال بعض قياداته إلى مكونات معادية ، والبعض الآخر آثر الصمت بعد استبعادهم من هيئته الرئاسية بعد أن كان لهم نصيب من محاصصة المصالح التي رافقت المجلس منذ تأسيسه .
الهيئة الرئاسية للمجلس دخلت في موجة خلافات و تباينات وتعيينات غير متوقعة حركت أحجار الشطرنج في اتجاهات لم يتوقعها المجلس ، وهي بالتأكيد لها تبعاتها و نتائجها الكارثية القريبة جدا كونها لم تأت من أجل مصلحة عليا إنما تدخل في عالم صراع المصالح و المحاور داخل الكيان نفسه .
المشهد السياسي بكل تفاصيله سيؤدي حتما إلى ترتيب جديد لواقع القوى السياسية الجنوبية بعد أن يتم تطبيق الحلول السياسية الإقليمية والدولية للمشكلة اليمنية وظهور نتائجها .
ماهر باوزير