آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-10:58ص

تسوية لا تعالج جذور المشكلة وتستوعب الواقع تسوية آنية

الأحد - 17 سبتمبر 2023 - الساعة 06:53 م

احمد عقيل باراس
بقلم: احمد عقيل باراس
- ارشيف الكاتب


       يبدو اننا على وشك الخروج باتفاق تاريخي ترعاه المملكة العربية السعودية سيتم التوقيع عليه في الرياض قريباً جداً من قبل جميع القوى اليمنية بما فيها الحوثيين ينهي مرحلة الصراع الدائر في اليمن ويضع حد لأكبر معاناة عاشها الشعبين في الشمال والجنوب طوال اكثر من ثمان سنوات وبحسب مصادر فان رؤية الحل قد تم التوافق عليها مسبقاً في مسقط ولم يتبقى سوى بعض اللمسات البسيطة قبل خروجها إلى العلن والتوقيع الرسمي عليها من قبل جميع الاطراف اليمنية خلال ايام ان لم يكن ساعات.

 

        وبعيداً عن بنود أو ملامح هذا الاتفاق القادم وتحديد الرابح من الخاسر فيه فان اهم ما في الاتفاق هو توقف الحرب رسمياً وتوقف نزيف الدم واحلال السلام ولو مرحلياً لكن يبقى تنفيذ ما سيتم التوافق عليه على أرض الواقع ومدى التزام كل الاطراف بما عليها هو المحك الرئيس والضمانة الوحيدة لعدم العودة للحرب مجدداً ومالم تخلص النيات ويضع الجميع المصلحة العامة نصب اعينهم ويتم معالجة اسباب جذور المشكلات من اساسها لا معالجة نتائجها وحسب فان الاتفاق سيكون بمثابة استراحة مقاتل لا غير وسيظل شبح اندلاعها وعودتها أمر وارد حدوثه باي لحظة .

 

        اننا ندرك جيداً حجم الصعوبات التي تعترض فرص احلال السلام النهائي والشامل في اليمن وما يحول دون تقديم أي تنازلات حقيقية من قبل الفرقاء والمتصارعين بكون هذه التنازلات تمس حياة بعضهم وجودياً وهو ما يحول دون نجاح أي تسوية حقيقية تلبي طموحات اليمنيين في الشمال والجنوب ما يجعل من امر أي تسويه حقيقيه وعادلة للصراع في اليمن امر بعيد المنال حتى هذه اللحظة  فما انتجته حرب الثمان سنوات من واقع جديد لا يمكن باي حال من الاحوال القفز عليه او تجاهله وبالتالي فأي تسويه لا تستوعب هذه المتغيرات فان مصيرها سيكون عدم النجاح وستكون في المجمل تسوية أنية أو مرحلية فقط .

 

       والى جانب كل ذلك يبقى بكل المقاييس ثمن السلام اكبر بكثير من ثمن الحرب وما تترتب علية الحرب وان بدت ثقيلة فان ما يترتب على السلام اثقل بكثير لذا لن يكون الوصول إلى هذا الاتفاق إذا ما تم بالفعل وان يكن مرحلياً بالحدث العادي او الأمر الهين والبسيط وفي نفس الوقت لن يكون محل رضى من قبل حتى بعض الاطراف التي ستوقع عليه وكل المعطيات تؤكد ان الوصول إلى سلام دائم وشامل أو حتى مرحلي في اليمن اشبه بالمستحيل وكلما في الأمر أن شخصية المملكة العربية السعودية بما تملكه من حضور  ونفوذ ليس في اليمن وحسب وانما في محيطها وفي المنطقة وعلى دوائر القرار في العالم وبما تملكه كذلك من خبرة وفهم لطبيعة تكوينات القوى اليمنية في الشمال وفي الجنوب فإنها الوحيدة القادرة على تحشيد الامكانيات الكافية وتحقيق الاجماع على أي مشروع سلام ترعاه وهي الاقدر كذلك على اجبار جميع القوى اليمنية كرهاً أم طوعاً على القبول بمخرجات آي اتفاق سيتم التوافق عليه برعايتها .

 

      وبذلك تؤكد المملكة العربية السعودية بتبنيها لخيار المصالحة ورميها بكل ثقلها لتحقيق سلام شامل في اليمن انما تجدد مواقفها السابقة والثابتة في الوقوف على مسافة واحدة من جميع اطراف الصراع مؤكدة انحيازها التام للشعب اليمني والعمل على مساعدته لإخراجه من ازماته التي وضعه فيها حكامه وحكوماته المتعاقبة وقادة مكوناته التي افرزتها الحرب وعجزهم عن توفير ابسط الخدمات لشعوبهم ناهيك عن عجزهم عن تحقيق اهدافهم المعلنة وشعاراتهم التي رفعوها طيلة تلك السنوات .