آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-12:25م

ما معنى العرق دساس

السبت - 16 سبتمبر 2023 - الساعة 04:53 م

انور ثابت بن عبدان
بقلم: انور ثابت بن عبدان
- ارشيف الكاتب


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه أعرابي فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي ولدت غلاما أسود ، فقال : هل لك من إبل ، قال : نعم ، قال :  ما ألوانها ، قال : حمر ، قال : هل فيها من أَوْرَقَ قال : نعم ، قال : فأنى كان ذلك ، قال : أراه عرق نزعه ، قال : ( فلعل ابنك هذا نَزَعَهُ عِرْقٌ )

صحيح متفق عليه

الشرح :

ولد لرجل من قبيلة فزارة غلام خالف لونه لون أبيه وأمه ، فصار في نفس أبيه شك منه .

فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم معرضا بقذف زوجه وأخبره بأنه ولد له غلام أسود .

ففهم النبي صلى الله عليه وسلم مراده من تعريفه ، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يقنعه ويزيل وساوسه ، فضرب له مثلا مما يعرف ويألف . فقال : هل لك إبل ؟

قال : نعم .

قال : فما ألوانها ؟

قال : حمر .

قال : فهل يكون فيها من أورق مخالف لألوانها ؟

قال : إن فيها لورقا .

 فقال : فمن أين أتاها ذلك اللون المخالف لألوانها ؟

قال الرجل : عسى أن يكون جذبه عرق وأصل من آبائه وأجداده .

فقال : فابنك كذلك ، عسى أن يكون في آبائك وأجدادك من هو أسود ، فجذبه في لونه .

فقنع الرجل بهذا القياس المستقيم ، وزال ما في نفسه من خواطر .

معنى العرق دساس : 

فقد فسره السفاريني في غذاء الألباب بقوله :

وقوله : ( فإن العرق دساس ) أي دخّال بالتشديد ، لأنه نزع في خفاء ولطف ، ومعناه أن الرجل إذا تزوج من منبت صالح ، جاء الولد يشبه أهل الزوجة في الأعمال والأخلاق وعكسه .

يحكى أن رجلا دخل إلى مملكة وراح يتجول في شوارعها وهو ينادي : أنا رجل سياسي ، أحل كل المشاكل وأصالح بين المتخاصمين أنا سياسي فسمع الملك نداءه وطلبه إلى مجلسه .

الملك : أنت سايس ، يعني تربي الخيول ، عندي فرس عنيدة أريدك أن تسوسها وتدربها .

الرجل : يا مولاي أنا سياسي ولست سائسا ، وليست حرفتي تربية الخيول .

الملك : هذا أمر اذهب واعتن بفرسي ، وإلا قتلتك .

الرجل مذعورا : حاضر يا سيدي .

أمر الملك بوجبتين للرجل ، رز وحساء في الغداء والعشاء .

باشر الرجل تربية الفرس أياما ثم هرب ، فقبض عليه حرس الملك وقدموه له .

الملك : لماذا هربت .

هل وجدت في فرسي عيبا جعلك تهرب من تربيتها ؟

الرجل : سأخبرك عن عيب فرسك ولكن امنحني الأمان .

الملك : منحتك الأمان ما عيب فرسي ؟

الرجل : فرسك أصيلة ، لكنها لم ترضع من حليب أمها .

غضب الملك من كلام الرجل واتهمه بالكذب ، وزج به في السجن ، ثم أمر بإحضار السائس السابق .

وسأله : من أين رضعت فرسه ، وإلا قطعت عنقك .

قال السايس : عندما ولدت فرسك ماتت أمها ، فلم أجد لها حليبا سوى من بقرة كانت في الحظيرة ، خفت من بطشك فأخفيت عنك الخبر .

أمر الملك بإحضار الرجل من سجنه ، ثم سأله :

كيف عرفت بأن فرسي لم تعد أصيلة ؟

قال الرجل : الفرس لا يبحث عن الكلأ والعشب ، بل يحضر إليه وهو رافع رأسه ، فرسك كانت تتصرف كالبقر فتبحث عن طعامها وتطأطأ رأسها له .

أعجب الملك بفراسة الرجل ، وأمر بأن يجعله مستشارا لزوجته الملكة .

رفض الرجل لكن الملك هدده بالقتل ، فامتثل الرجل لأوامره ، ثم أمر الملك بتزويد وجبة السايس بدجاجتين في الغداء والعشاء .

اشتغل الرجل مع الملكة أياما ثم هرب ، فألقى الحرس القبض عليه وقدموه للملك .

الملك : ماذا وجدت في زوجتنا الملكة حتى هربت ؟

الرجل : وهل ستمنحني الأمان لو أخبرتك ؟

الملك : نعم لك ذلك

الرجل : زوجتك ملكة ، و لكنها ليست ابنة ملوك كما تتصور .

غضب الملك ووضع الرجل في السجن ، ثم سافر إلى حماه والد زوجته في المملكة المجاورة ، وعندما اختلى به وضع السيف على رقبته وقال له : أخبرني ما حقيقة نسب ابنتك لك .

قال له حماه : نعم هي ليست ابنتنا من صلبنا ، كانت عندي ابنة عمرها عامان ماتت مريضة ، وكنت قد اتفقت مع والدك على تزويجها لك عندما تكبر ، عندما ماتت أحضرت طفلة من الغجر وربيتها على أنها ابنتي وزوجتها لك .

عاد الملك إلى مملكته ثم أخرج الرجل من السجن وسأله

كيف علمت بأصل زوجتي ؟

فقال له : من طباع الغجر أنهم يغمزون حين يتكلمون ، وزوجتك كثيرة الغمز في الكلام .

زاد إعجاب الملك بالرجل ، وقرر تعيينه خادما لأمه ، حاول الرجل التهرب لكن الملك هدده بالقتل ، فقبل وأمر الملك بأن يضعوا خروفين يوميا للرجل في غدائه وعشاءه .

بعد أيام هرب الرجل حتى أحضره الحرس .

الملك : ماذا وجدت من أمنا ؟

الرجل : وهل ستمنحني الأمان ؟

الملك : نعم قل ما عندك .

الرجل : أنت  لست ابن والدك الملك .

غضب الملك وأودع الرجل السجن .

ثم ذهب إلى والدته .

هل أنا ابن الملك ؟

حاولت الملكة الأم التهرب من الإجابة ثم استسلمت معترفة ، كان زوجي الملك عقيما ، ومع ذلك يتزوج في كل عام من بنت من بنات المملكة ، وبعد تسعة أشهر يذبحها إذا لم تنجب ، حتى تزوجني ، فاضطررت إلى معاشرة طباخ القصر فأنجبتك .

عاد الملك إلى القصر وأمر بإحضار الرجل ، ثم صرخ قائلا له تبا لك كيف عرفت سرا خطيرا كهذا ؟رد الرجل : الملوك لا يكافئون بالطعام ، وأنت كل مكافآتك لي كانت عبارة عن تزويد طعامي ، والطباخون هم من يكافئ بالأكل وليس الملوك .