آخر تحديث :الإثنين-27 مايو 2024-01:45ص

صراع الموت القادم من افريقيا يفاقم المعاناة على الأهالي في عدن

السبت - 09 سبتمبر 2023 - الساعة 09:00 ص

رائد الجحافي
بقلم: رائد الجحافي
- ارشيف الكاتب


تركوا بلادهم هرباً من شبح الموت والمجاعة بسبب الصراعات التي تشهدها بعض مناطق ومدن اثيوبيا، وجاءوا إلى عدن في رحلة أشبه بمغامرة الموت عبر البحر إذ تقلهم زوارق تابعة لعصابات تهريب ولا تصلح للركوب لكنها الوسيلة الوحيدة بالنسبة لمئات المهاجرين بشكل يومي الذي يصلون إلى سواحل أبين وشبوة وعدن أن كان يصل غالبيتهم والبعض يلقون حتفهم غرقاً أما عن طريق التخلص منهم من قبل قراصنة التهريب كلما شعروا بخطر غرق القوارب المهترئة أو يموتون داخل البحر إذ يتم ارغامهم على القفز في البحر على مسافات بعيدة من السواحل خوفاً من الوقوع بايدي دوريات خفر الساحل، فيموت الكثير منهم بالذات النساء وصغار السن والمرضى وكل من لا يستطيع مواصلة السباحة..

المئات بشكل يومي يزحفون على شكل مجاميع صغيرة باتجاه الشمال إذ يقطعون مسافة أكثر من ألف كيلومتر مشياً على الأقدام للوصول إلى مديرية رداع بمحافظة البيضاء شمال اليمن وهناك مقر تجمعهم الرئيسي الذي يقررون منه أما البقاء هناك للعمل أو مواصلة الرحلة نحو الأراضي السعودية وهناك عصابات أخرى خصصت لتهريبهم إلى الأراضي السعودية عبر الحدود اليمنية السعودية..

يوم امس الأول التقيت بعضو نيابة في محافظة لحج أخبرني أن لديهم مشكلة مع اعداد الجثث للمهاجرين الأفارقة التي تصل جثثهم إلى المستشفى الوحيد في مدينة الحوطة ولم تتسعهم ثلاجة المستشفى وأفاد أنه لا يمضي اسبوع دون العثور على جثة مهاجر ملقية على الطريق إذ يهلك البعض بسبب درجة الحرارة المرتفعة والجوع ومشقة السفر مشياً على الأقدام وربما أن بعض المهاجرين مصابون بأمراض ما تسرع من إنهاك أجسادهم فيموتون ولا يستطيعون مواصلة رحلتهم المتعبة، والغريب أن زملائهم الذين يرافقونهم في رحلاتهم بمجرد إصابة أحد منهم بالاعياء يخافون من البقاء إلى جانبه لانه ليس بمقدورهم حتى التخاطب مع المارة للسؤال عن المراكز الصحية أو المستشفيات لاسعافهم..

في عدن يستقر القليل منهم بالذات من يحملون الجنسية الإثيوبية عكس الصوماليين الذين نادراً ما يواصلون رحلتهم نحو الشمال..

ومع تزايد أعداد المهاجرين خصوصاً في السنوات الأخيرة إلى عدن أصبح وضعهم أكثر مأساة ربما اصعب من الحياة التي كانوا يعيشونها في وطنهم الأصلي..

أوضاعهم المعيشية الصعبة في عدن تتفاقم جراء معاناة الأهالي في عدن وبقية المدن والمناطق المجاورة لها بسبب الحرب الأخيرة الذي تشهدها البلاد منذ تسع سنوات وجراء السياسات المتبعة تجاه الجنوبيين لأغراض وأهداف يطمح التحالف السعودي ودول خارجية لتحقيقها على حساب معاناة السكان..

هذه الأيام ومن وقت إلى آخر ضاقت الأرض ذرعا بهؤلاء المهاجرين الأفارقة الذين تنعكس معاناتهم إلى صراعات داخلية بينهم وخلال الأشهر القليلة الماضية اندلعت بينهم معارك بالأيدي والحجارة والعصي لأكثر من عشر مرات كان آخرها المعركة التي اندلعت يوم امس ولم تستطع قوات الأمن وجنود الحزام الأمني فض الشجار الذي شارك فيه المئات في الشيخ عثمان الا بعد استخدام الرصاص الحي الذي قاموا بإطلاقه في الهواء لفض الاشتباك..

عدن أصبحت مدينة مثقلة بالمشاكل المتعددة، حتى بالمهاجرين الأجانب والنازحين في ظل غياب أي معالجات من قبل جهات الاختصاص جراء الغياب الكامل لدور مؤسسات الدولة وانشغال السلطة المحلية بالمشاكل الأخرى الذي أصبحت تمس حياة الناس بشكل مؤلم.

ويعيش اهالي عدن ظروف وأوضاع معيشية صعبة تتفاقم يوماً بعد يوم ولا أمل لا انفراجة تلوح في الأفق لهذه الأزمة، او حتى على الأقل لاستقرار في الحال الذي بلغته المدينة، من غياب الخدمات الضرورية التي تشهد تدهوراً متسارع بين لحظة وأخرى وانعدام فرص العمل وانهيار القيمة النقدية للعملة المحلية والذي أصبحت معها رواتب الموظفين لا تكفي لسد حاجاتهم الضرورية من الماكل والمسكن خصوصا في ظل الغلاء المتصاعد بشكل كبير..

وفي أوقات سابقة عملت السلطات الأمنية بعدن وبالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة على اعادة المئات من المهاجرين الأفارقة إلى بلادهم..
وتضيف مشكلة هؤلاء المهاجرين ثقل جديد على كاهل المدينة، لذا تجد حال الأهالي ونظراتهم وكأنهم يستغيثون ويسألون هل من معالجة مستعجله لهكذا مشاكل؟