المثل أعلاه من الأمثال السائرة الذي تحول على أيدي الأقوام البائرة و الأجيال الحائرة و الهمم الخائرة و الثقافة الجائرة إلى(من هزّ بزّ)!
تلك الثقافة السائدة اليوم في شتى مناحي الحياة دينيا و سياسيا و ثقافيا!
فقد تحوّل المثل و تحوّر على أيدي(الهزّازين)-على وزن(الحشّاشين)مبنى و معنى-إلى المهانة و الهزّ بدلا عن العزة و البزّ!
فكل ما عليك أن تنضم إلى حظيرة (الحشاشين)و (الهزازين)ليشار إليك بالبنان و تشخص إليك العينان و تحظى بصدر المكان و ينشر لك ألف ألف إعلان!
فالهزّ لم يعد على الأرداف محصورا و لا عليها مقصورا بل قد بنى له القوم قواعد و قصورا و صار علما مشهورا.
فإذا أردت الشهرة و المال و تحسين المعيشة و الحال فما عليك إلا أن تتمايل و تهزّ و لا تتيبس و تشزّ.
فالهزّ طريق مهيع إلى تحقيق الأحلام و أن تكون من الأعلام في مجارير الإعلام التي يسوسها الأقزام و يمولها اللئام و تخضع للطغام.
و كلٌّ يهزّ في مجال اختصاصه و يظهر(للهزّازين) مدى إخلاصه ليناله المدح و التصفيق من كل وقح صفيق قلبه غليظ و دينه رقيق و هو لكل مثلبة أهل و حقيق.
*فمنهم من يهزّ في مجال الدين فيجعل الحرام حلالا و الكبائر زلالا و يظهر لأهل الشرك و الفسوق إجلالا و يشكك في أصول الدين طعنا و إعلالا و يتهم الشريعة أنها جعلت على الناس سلاسل و أغلالا.
و هو لكل ظالم غشوم ظهير مدافع يعدد مناقبه و المنافع و يخلط بالعسل السم الناقع.
خبيث القلب و اللسان على أهل الحق و الإيمان و العلم و الإحسان فكأنما هو شيطان في مسلاخ إنسان!
كل ذلك ليملأ بطنا لا يشبع و يتقرب إلى ظالم لا يشفع و لأجل شهرة لا تنفع و ذكر لا يرفع و عمّا قريب سيركل و يُصفع و من أبوابهم سيُدفع و لن يجد من يَدفع.
*و منهم من يهزّ في مجال السياسة فتراه بلغ الغاية في التياسة و فقد كرامته و إحساسه و كأنما تعلم في كناسة.
فباع البلاد و ظلم العباد و كل صاحب حق أباد و لكل غاز هو عضد و زناد و استُعبد بعد ظنه أنه ساد.
و إذا خطى تعثر و إذا جمع تبعثر و كل وعد له تبخر فالذل له ملازم و إن تبختر.
فلما رأى حقيقة الحال و سوء المنقلب و المآل صرخ بلسان الحال بل و المقال:على قدر الهزّ من حكم بزّ.
و عمّا قريب من جذوره سيُجزّ و رأس حكمه سيُحزّ و لن ينفعه من وسوس له و أزّ.
*و منهم من يهزّ في مجال الثقافة فحولها من تثقيف إلى تسخيف و من تنوير إلى تحوير و من فن إلى عفن.
فنشر الفاحشة و الرذيلة بكل طريقة و وسيلة و جعل شيوع الفاحشة غاية و استخدم كل غواية و رفع لذلك رايات حمراء لا راية و قدم للناس زبالة فكره و رايه و عمّا قريب سيصبح عبرة و آية.
و لو أسهبت مع معشر(الحشّاشين)و(الهزّازين)لطال المقام مع قوم لئام ينبغي أن نمر بهم مرور الكرام و لكن أكثر الناس هذه الأيام إلا من رحم الملك العلام بهم مفتون و لأجلهم كل أمر يهون و في فلكهم يسبحون و برذائلهم يسبّحون فيالله العجب من شر قد اقترب.
*قفلة*
ثقافة و منهج (الهزّ)ثمار شخص(مهزوز)في دينه و أخلاقه و عقله.
فهذه الثمرة الخبيثة نتاج شخص في دينه قلّة و في عقله علّة و في أخلاقه ذلّة و لم يعرف حقيقة الملّة.
و في ذلك أقول على كساد قافيتي و قلة في الشعر عافيتي:
هزوا تبزوا هكذا قالوا…قوم لكل رذيلة مالوا
إن قام فيهم ناصح غالوا…في وصمه زورا و مازالوا
يا دار قد بليت بمن خانوا…عند اشتداد الأمر قد هانوا
عند المغانم قد صالوا و قد جالوا…و في المكاره ما ظهروا و لا بانوا
هزوا فهز عروشكم سُنَنٌ…سلفاً و خلفاً فما نلتم و لا نالوا
🖋️أبو الحسن جلال بن ناصر المارمي.