آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-11:26ص

كيف للحزن أن يصنع آدمية الإنسان؟

الجمعة - 04 أغسطس 2023 - الساعة 08:37 م

أنور العنسي
بقلم: أنور العنسي
- ارشيف الكاتب


 

أنور العنسي

عند تصفح عناوين الصحف ونشرات الأخبار حول العالم، والنظر في وجوه ضحايا الحروب والأزمات والهجرات الاضطرارية عبر الصحارى والبحار أكاد أجزمُ أن من لا يشعر بالحزن إزاء حال الإنسانية ليس البتة إنساناً طبيعياً على أيٍ من المستويات العقلية أو النفسية أو الجسدية.

أن لا تهمك أحزان البشر فهذا يعني أنك لست أهلاً لتبوؤ أي موقع فى القيادة والمسؤولية ، أخلاقياً وقانونياً عمن تعتقد أنك تمثلهم فأنت في الواقع لا تمثل أحداً سواك المريض باللامبالاة وانعدام الشعور بمعاناة الآخرين.

بعيداً عن السياسة، سألخص حديثي عما يعنيه الحزن لشخصي البسيط والمتواضع!

الحزن بمعناه الإيجابي هو ما يصقل جوهر الإنسان، ويكشف عن مكامن قوته ونقاط ضعفه، ودون القدرة على الشعور بالحزن لا يمكن لنا أن نتمرس على الصعب فالأصعب من متاعب الحياة التي تتوالى وتتوالد في حياتنا كلما مضى أحدنا في مشوار العمر .

يبدو لي الحزن وكأنه إحدى الطاقات الخلاقة الملهمة ليس لمغالبة الأقدار والظروف بل القوى الدافعة للإبداع والابتكار والتجلي.

نحتاج فقط أن نستوعب لماذا نحزن حتى نتعايش مع أسباب حزننا .. هل نحزن لأن شيئاً فاتنا أو أخطأنا؟ لا يهم فكل ما فات مات ، وكل خطأً قابل للتصحيح.

فَهْمُ بواعث الحزن فينا ضرورة للتكيف مع أن الحزن حالة ملازمة للحياة، أما جهلها دون وعي أو تجاهلها عن عمد فإنها تجعل الحزن يسيطر علينا ويتسبب في الكثير من أمراض القلب والعقل والنفس على حد سواء.

لامفر ولا منجاة لكل ذي عقل وحكمة من أن يكون حزيناً كسائر الأنبياء والمرسلين وكبار المصلحين والعلماء والشعراء عبر التاريخ، فالحياة في أساسها وتفاصيلها مدعاة للحزن.

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الشقاوة في الجهالة ينعمُ

المعرفة العميقة محنة، والعلم الحقيقي ابتلاءٌ لا يعيبه إهمال الجسد مقابل إعمال العقل، ولا يخجله الفقر والكفاف أمام الاكتفاء بحشد قدرات العقل للتركيز على توليد المعنى أو الفكرة الجديدة، أو الاختراع  المفيد وفي طريقة ايصالهما بأسلوبٍ عقلاني  يفيد عامة الناس ، ومن بعدهما لا يهم أن يكون الموت حتى دون أدنى استمتاع بالحياة والنجاح فيها.

إنه الحزن أين ما كنت وكيف تكون ، عنوان الحياة ومعناها منذ الأزل!