آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-04:02ص

لماذا الإعلام الغربي مازال يعتقد بحقيقة الانقلاب على بوتين ؟

الأحد - 23 يوليه 2023 - الساعة 09:49 م

د.عادل الشجاع
بقلم: د.عادل الشجاع
- ارشيف الكاتب


 

دار نقاش بيني وبين بعض الأصدقاء يوم ٢٤ يونيو ، أي ثاني أيام ما سمي بانقلاب فاغنر على بوتين ، وكان الأصدقاء متحمسين للحديث عن هشاشة بوتين وكذلك الجيش الروسي مؤكدين أن الغرب يظل هو الأقدر على إدارة الصراع ، كان رأي يومها ، أن هذا الانقلاب من تدبير بوتين ، وكنت أستند على المعطيات التي رافقت تحرك فاغنر التي وصلت إلى مدينة روستوف ليحتلوا مطارها العسكري وجميع منشآتها وعلى جهاز الأمن الفيدرالي ، متجاوزين الحدود الروسية ، والوصول إلى مشارف موسكو ، دون أي مقاومة ، بل إن حراس الحدود وضعوا أسلحتهم جانبا لكي تمر قوات فاغنر وشرطة المرور كانت توجه لهم التحية طوال الطريق .

كنت أتابع الحرب الروسية الأوكرانية مثل ملايين المتابعين حول العالم ، وكنت قد وقفت على حدث أثار انتباهي قبل ٦ أشهر من الانقلاب ، حيث ركزت وسائل الإعلام على زعيم فاغنر وهو ينتقد أداء المؤسسة العسكرية الروسية ، ثم تطورت انتقاداته لتطال وزارة الدفاع ووصفها بأنها وزارة المكائد وشتم رئيس الأركان بأقذع الشتائم ، ولم يسلم من شتائمه الرئيس بوتين ، ثم يأتي اليوم الذي يزحف فيه على موسكو ، تحت مسمى " مسيرة العدالة "، يظهر بوتين ليتوعده بعقوبات قاسية ، يتوسط رئيس بيلاروسيا لنقل بريغون إلى بلاده عبر طائرة روسية ذهبت وعادت بنفس اليوم إلى روسيا .

انتهى التمرد دون أن يلقى القبض على أحد من الانقلابيين ، بل إن بوتين التقى ببريغوجين و ٣٥ من قياداته وتأكيد الأخير لبوتين ولاء قواته دون قيد أو شرط ، ومع ذلك مازال الإعلام الغربي يصر على أنه انقلاب حقيقي وأنه أحدث تصدعا كبيرا في الجبهة الداخلية لروسيا ، وكشف عن ضعف بوتين وقضى على هيبته ، وليس لديهم أدنى شك بأن بوتين هو من خطط لهذه المسرحية ، كي يكتشف ما إذا كان هناك عناصر داخل المؤسسة العسكرية قد تم اختراقها من الغرب لتقوم بانقلاب حقيقي .

ما نريد أن نخلص إليه ، أن ثمة قراءة أحادية يتبعها الإعلام والمحللون السياسيون الغربيون ، تعتمد على الحقيقة المعممة والقراءة المجتزأة في تفسير الأحداث وأبعادها ، وفي كثير من الأحيان يعترف هؤلاء المحللون بأنهم عاجزون عن تبديد الغموض الذي يكتنف الأحداث ، وقد حدث ذلك في الحرب على العراق وعلى داعش وكذلك الخلافات الأمريكية الإيرانية التي ظهر فيها العديد من المحللين خلال السنوات الماضية وأكدوا قرب قيام حرب بين البلدين ، إلا أن تلك المواجهة لم تتم ، ومع ذلك يصر هؤلاء على اتباع القراءة الأحادية في تفسير الصور الذهنية التي تم رسمها مسبقا دون مساءلتها ، وهنا أدرك بوتين كيفة تضليل المؤسسات الغربية ، مثلما أن الإعلام الروسي تفوق على الإعلام الغربي في كشف الحقائق ، ففرضت عليه المؤسسات الغربية عقوبات تؤكد عجزها عن المواجهة .