آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-06:29م

عمل المنظمات.. القبقبة للولي والفايدة للقيــوم!

الأحد - 16 يوليه 2023 - الساعة 05:29 م

ماجد الطاهري
بقلم: ماجد الطاهري
- ارشيف الكاتب


ولمن لم يفهم المثل أعلاه في العنوان"القبقبة للولي والفايدة للقيوم" فهو مثل يضرب به لبعض من البشر إذ يكدحون ويعرقون ويعملون كثيرا وفي النهاية لايحصلون على حقوقهم ونتاج عرقهم وتعبهم، وذلك لأن هناك من يستغلهم ويستأثر بالمنافع لنفسه دونهم، فحالهم هذا  يشبه الى حدّ كبير حال "القيوم"أي القائم  بأعمال الولي بعد موته فهو يقدم الطقوس ويضرب بالدف"القربعة" تعظيما للولي ويستقبل أثناء ذلك الزوّار فيأخذ منهم الأعطيات والقرابين من الأموال والذبائح والسمن والعسل زاعما بأن ما يقدم من هبات تصل للولي وبالتالي سيحفظهم ويبارك لهم، لكنه بمجرد انصراف الجمع يبادر بجمع المحصول  مما لذّ وطاب ويستأثر به لنفسه ثم يغادر تاركا الولي وحيدا في لظى القبر بعد أن استزاد عليه الإثم والوزر، فلا دعوة له بالرحمة ولا حتى صدقة بجزء من المحصول.

يتطابق ذلك مع حديثنا اليوم عن طبيعة تدخل عمل بعض المنظمات إذ نادرا ما تجد عملا ملموسا تقدمه المنظمات الدولية والإنسانية ولنقل على مستوى محافظة لحج وعموم مديرياتها حتى لا نذهب بعيدا، وحتى لا يقال عنّا بأنّا قومٌ يجحدون فهناك منظمات دولية وانسانية ومؤسسات خيرية لانود تحديدها بالاسم حتى لا ننسى واحدة منها ترفع لها القبعة إحتراما وتقديرا إذ تساهم من خلال تدخلها بالمديريات في تقديم مشاريع حيوية ومستدامة، مثل مشاريع حفر الأبار وبناء المساكن والمرافق الخدمية ودعم المزارعين بشبكات ري زراعية متكاملة وغير ذلك..  وأخرى تقدم معونات نقدية، أخرى تساهم بتقديم معونات عينية وغذائية، وأخرى ترفد المرافق الصحية بالأدوية والمستلزمات الطبية...وجميعها ساهمت فعلا في تقديم العون بشيء ملموس ونافع للمواطن. 

وبالمقابل هناك العديد من المنظمات لايعد تدخلها إلا مجرد "قربعة في تنك" ومجال لهبر عشرات الألاف من الدولارات لصالح القائمين عليها والمنفذين لمشاريعها الوهمية، والتي لا تعود بأي نفع للمواطن ونورد لكم بعض الأمثلة التي شوهدت بأم العين واختبرت من خلال تبني بعض تلك المنظمات لمشاريع كرتونية جوفاء دون تحديد أيًا منها بالإسم حتى لا يفهم مقالنا هذا تهجما على منظمة بعينها..فمثلا هناك منظمة تدخلت في مديرية القبيطة بعنوان توعية لغسل اليدين بالماء والصابون ورصدت للمشروع بحسب المعلومات مايقارب خمسين مليون ريال يتوزع هذا المبلغ مابين منسقين بالمحافظة والمديرية ونفقات تشغيلية وملصقات توعوية وموظفين يتم اختيارهم مقابل موافقتهم على العمل بمبالغ زهيدة ثم يتركز البرنامج على أهمية التقاط مئات الصور التي توضح وصول فرق التوعية الى مختلف المناطق وفي النهاية تأتي المعونة على شكل خمس حبات صابونة ومنشفة!! 

ومثال آخر لمنظمة تدخلت مستهدفة النساء الحوامل وعليه تم التعاقد لفريق عامل من الفتيات مقابل مئة دولار للقيام بهذه المهمة في مدة أقصاها شهرين في عموم مناطق قرى "كرش" وطلبت المنظمة من الفتيات الذهاب الى مناطق بعيدة عن المركز والمواصلات على حسابهن الشخصي، كما طلب منهنَّ تسجيل الحالات وتوثيقها بالصور وهناك فريق إشراف من المحافظة يتمثل بمنسقة واعلامية والثالثة مهمتها استقبال الشكاوي، تحملهم سيارة بورش مؤجرة لداء المنظمة بالدولار وفي نهاية المطاف يأتي الدعم على شكل علاقي مغلف كما هو مرفق في الصورة ويحوي اثتين مناشف وحبة صابونة ومشرط أي موس وضاغط سرر!!

هل رأيتم عبث وفساد أكبر من هذا بالمنح الخارجية المقدمة للمواطن الجنوبي؟ اليس المتوجب على قيادة السلطات المحلية بالمحافظة ومنسق المنظمات بالمحافظة تحديد المشاريع والمتطلبات وفق الخطط المرفوعة من مكاتب التخطيط بالمديريات وفق الإحتياجات الى مكتب التخطيط بالمحافظة وعدم السماح لأي منظمة بالتدخل في أي مديرية الا بعد الجلوس معهم ومعرفة طبيعة التدخل ويتم تقييمه والموافقة عليه من عدمها ، فـ لماذا يترك هذا الأمر دون رقابة أي (تدخل عمل بعض المنظمات المباشر)في عموم المديريات دون رقيب أو حسيب أم أن هناك  لوبي فساد مشترك مابين القائمين على المنظمات والجهات المسؤولة بالمحافظة يتم من خلالها هبر الالاف من الدولارات فيفتي فيفتي، وهم يعلمون امه لن يتأنى لهم ذلك إلا من خلال تبني مثل تلك التدخلات الوهمية التي يسمع قرقعتها ولا يرى طحينها لأن الطحين يختفي في جيوب الفاسدين.

فإلى متى سيستمر بناء الحال كما هو عليه في ظل غياب الرقابة وإنعدام الضمير وتحكم الفاسدين بمعيشة ورقاب المطحونيين الفقراء من عامة الشعب؟