لم تتمكن عقلية اليمن المعاصرة من تشخيص طبيعة ونوعية الازمة التي تعيشها البلاد وعجزت عن فك شفرات اشكالياتها الواضحة ، وذلك ليس تقصيرا في قدراتها الفكرية وكفاءاتها العلمية بقدر ما يؤكد وقوعها ضحية مع الشعب و استسلامهم للحظة الاغتيال العام لليمن ونظامه الجمهوري ، بطريقة مفاجئة وصادمة للجميع ، وظلت اسباب الكارثة التي حلت بالبلاد والعباد في الظلمات والمجهول .ابتلعت عقول اليمن افكارها ولاذت بصمت اهل القبور ، ان لم تهجر تجويف جماجمها . تخلت عن عادة التفكير والتنظير . اختفت على حين غرة معالم ومدارس صناع الوعي الوطني . تبخر مؤرثهم الثقافي الصاخب . قطع الحبل السري لتأثيرهم الاجتماعي على الرغم من تطور شبكات قنواتها التربوية والاعلامية .وكأنما آهالة الازمة التراب على الوعي الوطني ، وكشفت عورة وجوده الهلامي في الواقع ، و في حياة ثلاثة اجيال ثورية ، لدرجة يمكن تشبيهه بمظاهر الحمل الكاذب والاماني المبنية عل الانتفاخ .فما اصاب اليمن هو غياب وعيها الثوري والوطني الذي تفاخرنا به لاكثر من ستة عقود خلت ، وهو اساس ماحل بها من خراب في ليلة وضحها ، تخلا شمال الوطن عن الجمهورية في طرفة عين ، ويسعى جنوبه لتخلي عن الهوية الوطنية برمتها .ويمكن ملاحظة تراجع منسوب الوعي الوطني ، باغراق الثورة اليمنية في توجهات سياسية بعيدة كل البعد عن اهدافها باجبار الثورة السبتمبرية على انتهاج الليبرالية طريقا لها ، وتغريب الثورة الاكتوبرية عن العقيدة الدينية والوطنية للشعب .ومن هنا تبدأ اول فصول الاغتيال الممنهج لثورة اليمنية ووعيها الوطني بالشروع في التدليس والالتفاف على اهدافها الثورية والوطنية وتحويلها الى شعارات جوفاء لتغطية انحراف انظمتها الجمهورية ، والابتعاد بها عن الشعب لتسهيل عملية الانقضاض والقضاء عليها دونما عناءً يذكر .وتؤكد مجريات الاحداث في اليمن و مذكرات تفاصيلها اليومية غير المكتوبة بعد قصة الاغتيال المنظم لثورة اليمنية ، ونظامها الجمهوري ، ووعيها الوطني . في الوقت الذي يحاول البعض تصويرها بانها عملية اختراق لذاكرة في قراءة مغلوطة لتاريخ الثورة اليمنية ، وتجاهل محطات انحرافها الواضح عن مسارها الوطني . هذه موجهات عامة قابلة لدراسة والبحث من ذوي الاختصاص ، حتى لا تستباح عقولنا و تغتصب بالمفاهيم الخاطئة عن الحرب اليمنية .