آخر تحديث :الثلاثاء-22 أكتوبر 2024-10:36ص

الجنوبيين وبلادهم

الإثنين - 12 يونيو 2023 - الساعة 12:00 ص
عبدالله غانم القحطاني

بقلم: عبدالله غانم القحطاني
- ارشيف الكاتب


 

إعادة ترميم البناء أصعب من التأسيس، وأي وطن مُحطم بناءه مجدداً لا يتأتى بكتابات مُفكر وطني، ولا بجهد وزير منفرد، ولا بشجاعة قائد مخلص دون وجود مشروع شامل وشعب متماسك. 
كما أن الأنانية والمناطقية والحزبية لا توحد الجهد نحو أي هدف بل تشتت الرأي وتحدث الفرقة لصالح الخصم.، والمشاريع الكبرى ذات المخاطر العالية بناؤها لا يخضع لسياقات التاريخ وحسب، بل يفترض دمجها بمعطيات الحال ومُمَكنات الصمود المتوفرة والتكيف السريع والإستجابة للمتغيرات، والإستعداد للقادم الأصعب ومتطلباته.

في الماضي عبر ودروس. وفي طمع وجشع أغلب قادة العمل الفلسطيني والليبي واللبناني والمعارضات السورية عِضة لمن ألقى السمع وأرسل البصر، فقد كانت المغانم والمناصب هدفهم الحقيقي ولا تزال، فحققوا الثروات بالفساد وخسروا الأوطان والشرف، والتاريخ شاهد لهم وعليهم. وللزعيم مانديلا ورفاقه جهاد طويل وصبر عظيم حطّما غطرسة العنصريين والمستعمرين، وما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك.

في الجنوب مجتمع مدني مثقف ومُسالم يُجيد العمل بلا ضجيج، مجتمع يستحق الحياة وقيادة حكيمة تعمل لمستقبل أجيالها البعيد، وما بعد البعيد. غاب نيلسون مانديلا ورفاقه عن الدنيا لكن إرثهم دولة عظيمة مستقرة وتاريخ مُشرف وتضحيات أصبحت مصدر إلهام.

لدى الجنوبيين فرصة تاريخية لبناء مدارسهم وعقول أبناءهم. وصحيح أنهم يواجهون تحديات صعبة، لكن بإمكانهم تجاوزها بعمل مؤسسي متطور ومترابط يقنع عواصم العالم بنجاعة مشاريعهم والوقوف بجانبهم لبناء خدمات بلادهم ومؤسسات مجتمعهم.

الجنوبيين يحتاجون لجمع الكلمة وتوحيد المواقف السياسية والفكرية والإعلامية داخلياً في كل قرية نحو هدفهم الذي يرغبونه. ويلزمهم تكليف متخصصين وطنيين يسترعون إنتباه الشباب ويقدمون لهم الحقائق عبر الإعلام والمنصات، ويحذرونهم من فكر الطائفية ومآسي الحزبية ومن خطر الذين يتلاعبون بعقولهم ويغذونهم بالكراهية والجهل والعنصرية. وعليهم التفكير لإقامة مشروع إستثمار طويل الأجل فكري وتطبيقي من خلال جامعتين عصريتين في دبي وجدة مثلاً، يلتحق بهما ألاف من شبابهم وبناتهم بما يتناسب واحتياج تنمية بلادهم بجانب قبول جنسيات أخرى للدراسة من كل مكان بالعالم العربي.

على #الجنوبيين تعليم صغارهم وشبابهم اللغة العربية الفصحى ولغات العالم المتقدم بطلاقة قبل تكليفهم بالعمل القادم الدبلوماسي والسياسي والثقافي داخلياً وخارجياً، تلك قوة ناعمة عظمى أدركتها السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز. 
على الجنوبيين عدم الدخول في سجالات ومشاحنات وخلافات مع جيرانهم واصدقاءهم واعداءهم حتى عبر منصات التواصل الإجتماعي. كل شيء ينمو كل شيء يتغير، والعاقبة للعاملين بحكمة وصبر وإيثار.

الجنوبيين عليهم استخلاص الدورس المستفادة من سياسات وأساليب جيرانهم بصنعاء وضواحيها وكيف يدمرون حياتهم بأنفسهم منذ ألف عام حتى اليوم، وهاهو الحوثي أسوأ وأبشع مثال لتلك الثقافة التجهيلية العنصرية المتوارثة.

الجنوبيين بأمس الحاجة لأخذ الدروس مما فعله المتأيرنين وقاسم سليماني بمساعدة تيار الإخوان عندما أفرسوا وأفسدوا بعض العرب السنة غرب العراق، وفي فلسطين وسوريا وصنعاء ولبنان، أنظروا كيف صهرهم المستعمر الأجنبي في ثقافته ووظفهم لمصلحته فضاعت هويتهم وأصبحوا عملاء يمثلون المستعمر!، أنظروا الى بعض تلك الدول التي كانت عربية السيادة ثم هيمن عليها أراذلها من الأبناء الموالين وغيرهم في أكثر من بلد عربي.

فيتنام حطموها الغزاة وأعدموا شبابها في الشوارع لكنها اليوم دولة مزدهرة تتقدم بشعب خلاّق ولها اقتصاد قوي، وأصبح أعداءها بالأمس يحترمونها اليوم ويشاركونها البناء. 
على الجنوبيين إقناع الشمال سياسياً وسلمياً وودياً بأن الوضع السابق هو الحقيقة الوحيدة التي ستحقق لهم السيادة والأمن والإستقرار والرخاء والتعاون الدولي والحكم الذي يريدون، وحسن الجوار، وخلاف ذلك وبال وصراع مفتوح ومرض عضال سيصيب الجميع.

"الشيخ" هنري كيسنجر، أكمل عامة المائة ولا يزال مؤمناً بأن تحقيق الأهداف الوطنية يتم بالعمل السياسي المتقن .

عبدالله بن غانم القحطاني