آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:59ص

سياسة الفساطيط!

الإثنين - 05 يونيو 2023 - الساعة 09:44 م

عبدالوهاب طواف
بقلم: عبدالوهاب طواف
- ارشيف الكاتب


تتلخص عقيدة الفساطيط في أن جماعات الإسلام السياسي تضع صراعاتها وخلافاتها وتنافسها مع الآخرين في قالب ديني، فيتعاملون معها على أنها مواجهات بين فسطاطين، فسطاط الحق وفسطاط الباطل، وهم يجزمون أنهم فسطاط الحق بلا جدال أو منافس، حسب معتقدهم. 
لنا أمثلة كثيرة لهذه العقيدة، وتجلت مؤخرا في تصريحات وأدعية "بعض" قيادات جماعة الإسلام السياسي السُني، إزاء العملية الانتخابية التركية الأخيرة، والتي وصفوها بأنها معركة مصيرية بين فسطاطين، فسطاط الحق وفسطاط الباطل، والمؤمنين والمنافقين، والأخيار والأشرار، وغيرها من أوصاف عجيبة؛ تشوه العمل السياسي، وتخلق بيئة صراعية بعيدة عن نطاق العمل السياسي وبناء الدول، وتُلغي الطرف الآخر وتصادر حقه وحقوقه وما هو أبعد من ذلك.
وقد شاهدنا في السابق عندما وصف المتطرف بن لادن عملياته البشعة؛ بأنها حرب بين فسطاطين لا ثالث لهما، وهو ما كان يردده كذلك المجرم الظواهري.
اليوم نتكلم عن فساطيط الجماعة الإسلامية الشيعية، وهي الجماعة الأكثر تطرفًا وفتكًا بالمسلمين، والأكثر دموية وتخلفًا ونهبًا لأموال الناس. فقد بلغني من أخ كريم، أن أحد منظري سلالتهم " آل البيت" وصل إلى مقيل في صنعاء قبل شهر، وبدأ بالحديث دون حتى الاستئذان من صاحب البيت وقال: إن الله خلق الناس فسطاطين، فسطاط آل البيت الأطهار، وفسطاط الرعية الأنصار. 
وأكمل توصيفه لهذه العقيدة العنصرية، وقال: ففسطاط آل البيت، اصطفاهم الله أنوار تضيء ظلمات الأرض، وخلقهم بعد أن نفخ فيهم بذور القيادة، وزرع فيهم أسس التمكين، ومنحهم التوفيق والريادة ومهمة قيادة الأمة، ولهم مقابل هذه الأمانة الربانية العظيمة، فقط  السلطة وخُمس ما يخرج من الأرض وما ينبت من قطر السماء، وكذلك سمع وطاعة الفسطاط الثاني، أي فسطاط الرعية ( الشقاه).
وأضاف: أما فسطاط الرعية، فقد قسمهم الله إلى فسطاطين، فسطاط الأنصار وفسطاط المنافقين، فوصف فسطاط الأنصار بأنهم الأنصار والرعية الذين أكرمهم الله بنعمة حب آل البيت، ومكرمة خدمتهم، وتوفيق العمل تحت قيادتهم، وهؤلاء لهم التعب والشقاء في الدنيا، أما في الآخرة فلهم النعيم الأبدي، الذي لا ينفد وسعادة لا تنضب، وهنيئا لهم به دون سائر المؤمنين.
وأضاف السلالي: بل إنهم سيزاحمون جدنا النبي وباب مدينة علمه الإمام علي وولداه الحسن والحسين في الجنة.
وواصل محاضرته الإيمانية، وقال: أما فسطاط المنافقين من فسطاط الرعية وهم الأكثرية، فقد حرمهم الله من تذوق معين لذة حب آل البيت، وهؤلاء سيظلون تعساء في الدنيا، ومعذبين في الآخرة، بسبب إعراضهم عن خدمة آل البيت وعدم طاعتهم ورفض الانضواء تحت لوائهم.
وبهذا نجد أن كل جماعات الإسلام السياسي لديهم فساطيط، والنتيجة تحول الشعوب إلى ضحايا، دهستهم عجلات تلك الفساطيط القاتلة.
هذا التوصيف والوصف الفسطاطي، هي سياسة إبليسية، تكونت وتضخمت بفعل التنافس على متاع الدنيا، وعلى مغانم السلطة والثروة، وقد زُج بالدين كأداة فاعلة لحسم الصراعات السياسية لصالح الجماعات المتخندقة بالدين والمذهب والطائفة والآل وبقية الأساطير والخزعبلات المسحوبة من زمن قريش، ومن ميادين معارك الجمل وصفين والنهروان.
ولذا فبمجرد وصول هذه الجماعات الدينية إلى مؤسسات الحكم، تتقسم الأمة وتتجزأ البلاد، ويحل الخوف وتنتشر الحروب وتنهار العملة وتتوقف عجلة التعليم، ويحل الفوضى والفساد والإفساد، وتنتعش الصراعات الدينية وتظهر الأحقاد المناطقية، وتنتشر الرشوة والمحسوبية والعنصرية، وينقسم المجتمع إلى فسطاطين، فسطاط صغير يتنعم بالسلطة وبثروات الأمة وأخماسها، وفسطاط الأغلبية من الشعب؛ يعاني ويتجرع الجوع والمهانة من قبل "أشمار" الدين. 
ولذا فالجماعة السياسية الملتحفة بالدين والآل، والتي تفرز الناس إلى مؤمنين ومنافقين، وتقسم مواقفهم بحسب القرب منها أو البعد، إلى حق وباطل، هي جماعة متطرفة، محل قياداتها في المصحات العقلية أو السجون، فبقائهم في الخارج معناه حروب وصراعات ودماء ودمار وفقر داقع وجهل مظلم، لأنهم يؤمنون بأن لا حياة إلا لفسطاطهم، وأن مرضاة الله والقرب منه هو في القضاء على الفسطاط المنافق ( المخالف لهم).
وإلى لقاء فسطاطي جديد....