آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-03:31ص

يا ليتني كنتُ مكانك.!

السبت - 03 يونيو 2023 - الساعة 05:31 م

أحمد عمر باحمادي
بقلم: أحمد عمر باحمادي
- ارشيف الكاتب


يشعر الإنسان في قرارة نفسه أن زمان الفتن قد أظلنا بديجوره .. وأطلّ علينا بظلماته الحالكة .. وأن الأحوال باتت تختلط على كثير من العقلاء حتى يمسون في حيرة من أمرهم .. ما لم يستهدوا بكتابٍ وسنةٍ ويعتصموا بحبل الله ..!!

لكنْ المشاهد أن أنواع الفتن قد عصفت بفئات من الناس وأصبح المسلم يخاف على نفسه من الهلكة في واديها السحيق .. فيتمنى يومئذٍ الموت.!

 وهذا مصداقٌ لحديث الرسول الذي صح عنه عليه الصلاة والسلام .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني كنت مكانك ).

وروى مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول : يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر وليس به الدَّين إلا البلاء ).

من الفتن اختلاط الحق بالباطل حتى لا يدري الإنسان أي شيء يتبع، فتجده مرة في طائفة، ومرة في طائفة، ومرة في مبدأ، ومرة في قضية، وهذا من الفتن العظيمة. 

يقول تعالى : ( وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ) [ المائدة:41] .. وهو الرجل المفتون في دينه الذي يبيع دينه كل يوم .!

سوف يأتي زمان يستغني المرء عن دينه مقابل حفنة من المال .. هل تصدقون هذا ..؟!! .. أخبر عليه الصلاة والسلام في الصحيح : ( أنه تأتي فتن يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا ).

وروى أبو يعلى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تذهب الليالي والايام حتى يقوم القائم، فيقول : من يبيعنا دينه بكف من دراهم ؟).

وروى الامام أحمد عن الضحاك بن قيس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم، فتنا كقطع الدخان.

 يموت فيها قلب الرجل المؤمن كما يموت بدنه .. يصبح الرجل مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع فيها قوم أخلاقهم، ودينهم بعرض من الدنيا قليل ).

تخيلوا معي أن خوف الفتن كان يضطرم في قلوب الصحابة وهم قد عاشوا في خير القرون وبالرغم من أنهم أبعد الناس عنها .. فكيف بنا اليوم وتجدنا نمزح ونضحك آمنين مطمئنين.

هذا الصحابي الجليل أبو الدرداء تحكي عنه عن زوجته أم الدرداء رضي الله عنهما فتقول : كان أبو الدرداء رضي الله عنه إذا مات الرجل على الحال الصالحة، قال : هنيئًا لك، يا ليتني كنت مكانك.

 فقالت أم الدرداء له في ذلك، فقال : ( هل تعلمين أن الرجل يصبح مؤمنًا، ويمسي منافقًا، يسلب إيمانه وهو لا يشعر، فأنا لهذا الميت أغبط مني لهذا بالبقاء في الصلاة والصيام ).

وقال مسروق رحمه الله : ( ما من بيت خير للمؤمن من لحد، قد استراح فيه من هموم الدنيا، وأمن عذاب الله ).

نسأل الله تعالى الثبات على هذا الدين ونعوذ به سبحانه أن نتحول من حال الصلاح إلى حال أخرى .. وأن يعصمنا من الفتن ويحيينا مسلمين ويميتنا مسلمين.