آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-01:37م

الجميلة عفراء وأبناؤها البلهاء 2

السبت - 03 يونيو 2023 - الساعة 12:00 ص

د. عوض احمد العلقمي
بقلم: د. عوض احمد العلقمي
- ارشيف الكاتب


  لعلكم تتذكرون أحبتي الكرام هذا العنوان الذي يتصدر سردية الليلة إذ سبق أن تصدر سردية سابقة ، ولم أكن حينها قد طلبت منكم الانتظار لاستكمال القصة في سردية أخرى ، غير أن كثيرا من القراء الأعزاء هاتفوني وطلبوا مني أن أضيف سردية أو أكثر تحت العنوان نفسه وفي النسق ذاته ؛ لذلك قررت الاستجابة لطلبهم ، والنزول عند رغبتهم .
   يبدو أنه قد كتب على الجميلة عفراء العيش بين نارين ؛ شقاء مقيم ، وحياة في جحيم ، أليس الأمر كذلك ياجدتي ؟ بلى يابني لقد عاشت جميلة في كنف زوج معتوه ، ولما رحل استبشرت خيرا ، وبدأت تستعيد شيئا من أنفاسها ، وتضمد بعض جراحها ، لكن الزمن لم يمهلها ، إذ كبر أبناؤها الحمقى ، ولم يكتفوا بخدش صفحات جمالها ، أوغرز المدى والسكاكين الحادة في مقاتلها ، بل ذهبوا إلى ماهو أبعد من ذلك ، وربما ذهبوا إلى ما لم يخطر ببالك ، أو يعرج في طيف خيالك يابني ! إنهم ذهبوا إلى بيع بعض أعضائها ، واقتاتوا بالتنازل عن شرفها ، ونسوا أو تناسوا أن ذلك في الأصل هو شرفهم ، ورمز عزتهم ، وماتبقى من كرامتهم ، إن كان في الأمر بقية . 
   لكن أولم تحاول تلك الأم الجميلة ، سيدة الحرائر العزيزة ، وعظيمة اللآلئ المضيئة أن تمنع أولئك المعتوهين عن تلك التصرفات المشينة ، والأفعال المهينة ياجدتي؟  بلى أيها السائل الحصيف والابن النظيف ، قد حاولت الأم الجميلة منعهم عن تلك التصرفات الدنيئة بكل ما أوتيت من قوة ، لكنهم كلاب مسعورة يصعب منعهم عن فعل ماتمليه عليهم شهواتهم وغرائزهم المريضة .
  جدتي الحكيمة ! أوليس لتلك الأم الجميلة ، والمرأة الوديعة ، من ينصرها أو ينتصر لها ؟  بلى يابني  ، لكنهم أكثر غباء من الأغبياء ، وأصغر أحلاما من البلهاء ، تجدهم لايجيدون إلا التصفيق لأفعال أولئك الحمقى ، ويكبرون لتصرفاتهم النكراء ، وإذا ما سألتهم لماذا كل هذا ؟ أجابوا إنهم يحسنون صنعا .
وماذا عن جيرانها يا جدتي ؟ أما الجيران يا بني فهم أشد لؤما وأقل علما وأكثر خبثا ، إذ فرحوا بأولئك البلهاء ، وقدموا لهم الدعم المادي والمعنوي ليبقوا في عقوقهم ويتجردوا من أخلاقهم ، أغروهم بالأموال وابتاعوا منهم الأعضاء المفيدة من جسم أمهم عفراء ، ولم يقفوا عند هذا الحد بل ذهبوا أيضا إلى بيع ما اكتنزته الأم عفراء لحمايتهم من أطماع البشر  وعوادي الدهر ، وذلك لقلة خبرتهم وضعف همتهم وسوء تجربتهم وقصر نظرهم ، أفهمت يابني ؟ أما الآن فاذهب للنوم يا بني فالليل قد بدأ يلف أستاره ، والكلب لم نعد نسمع نباحه ، والديك قد أزعجنا صياحه ..