منذا ان وصل الوفد الحضرمي الذي ذهب للرياض والشارع الحضرمي يتساءل هل ذهب هذا الوفد في زيارة رسمية تلبية لدعوة من المملكة العربية السعودية بحسب التصريحات لبعض افراده؟! ، واذا كان كذلك فلماذا الى اليوم لم يتم عقد اي لقاءات مع الجهات الرسمية السعودية المعنية بالملف اليمني؟!، او ان الزيارة تمت بناء على دعوة من محافظ محافظة حضرموت الاستاذ مبخوت مبارك بن ماضي لعقد مشاورات لتوحيد الصف الحضرمي والاتفاق على رؤية حضرمية جامعة لحاضر ومستقبل حضرموت .. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا اختار المحافظ الرياض ولم تكن المكلا او سيؤن طالما والشأن حضرمي بامتياز ؟! ، ورمزية المكان لها دلالة معنوية ومدلولات سياسية، وهل تم تمثيل الطيف الحضرمي السياسي والاجتماعي والمدني والشباب والمرأة بصورة عادلة؟! ومن هي الجهة التي تبنت الدعوة والترتيب واختيار المشاركين في هذا اللقاء ؟!
كل تلك التساؤلات مشروعة ولكن لا تنتقص من أهمية الحدث بذاته، ولا تقلل من سقف تطلعات الحضارم من نتائجه لتغيير الواقع والتطلع لمستقبل مشرق ، مع اليقين بتواصل فعالياته وحواراته داخليا واشراك بقية الاطراف ممن لم يتم دعوتهم من الفعاليات والشخصيات والاطراف الفاعلة في المشهد الحضرمي، وتجاوز بعض الهفوات والسلبيات لضمان الاتفاق على رؤية حضرمية واقعية بقيادة جماعية فاعلة تحمل هم حضرموت وتدافع عن حقوقها .
ومن متابعة شخصية لنشاط وفعاليات ولقاءات الوفد اتضح أن الاستاذ مبخوت بن ماضي محافظ محافظة حضرموت هو من يمسك بزمام المبادرة ويقود دفة الوفد والترموميتر المحرك له ، ولعل تداخل اهداف الوفد الحضرمي مع مهام المحافظ الرسمية قد اضفت على المشهد ضبابية في سبيل تحقيق اهداف وجود هذا الطيف السياسي والاجتماعي الحضرمي في الرياض.
ولكن لفت انتباهي ذلك الخطاب القوي من الاستاذ مبخوت بن ماضي محافظ محافظة حضرموت خلال استضافة وفد حضرموت مساء امس الجمعة بمقر اقامتهم بالعاصمة السعودية الرياض دولة رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك
والذي قال فيه : ((ان حضرموت تحتفظ اليوم بموقفها السياسي وتتمسك بحقوقها وتتحدث بها بصوتٍ عالٍ في المكان والموقع المناسب، ، مؤكدا نيابة عن الوفد وباسم الحضارم كافة ان حضرموت اليوم توحدت لنيل حقوقها ومطالبها.. وان سقف مطالبها قد ارتفع)).
هذا الحديث القوي والشفاف والعلني وامام رئيس الحكومة الذي اعتاد ان يسمع كلمات المديح والثناء فقط مع مطالب خجولة ، لكن ان يرفع سقف المطالب بهذه الجرأة هنا كانت المفاجاة له وللمتابعين، فحضرموت التي تم تهميشها وسلب حقوقها ليس في السلك الديبلوماسي فقط بل وفي السلك القضائي والامني والعسكري والمناصب السيادية في المؤسسات المركزية والوزارات مع صمت مطبق من الجميع .. ولعل اليوم بدا الصوت يرتفع ويجب ان يصل لعنان السماء ليسمعه من به صمم ، والمحافظ الاستاذ مبخوت بن ماضي الذي صدح بصوته عاليا هو يمثل سلطة تنفيذية ويمثل الحكومة الشرعية وهل يمكن اعتبار هذه اللقاءات بصورة عامة وما صدر عنه من مطالب خلال هذا اللقاء مع دولة رئيس الوزراء بصورة خاصة تعبر عن وجهة نظر الوفد وهو من يتولى قيادته ، وسوف يدافع عنها ويسعى لتحقيقها ، ولكن هناك نقطة مهمة واساسية قد تغيب عن اذهان البعض وهي ان المحافظ يمثل السلطة التنفيذية في حضرموت وهي من مكونات الحكومة الشرعية والتي يحتكم لها المحافظ وينفذ سياستها وتوجيهاتها وتوجهاتها وهي التي اصدرت قرار تعيينه لينفذ سياستها ومتى خرج عنها فقرار اقالته جاهزا في هذه الحالة مثل من سبقه في هذا المنصب.. فهل يملك هذا الوفد الذي يمثل حضرموت قرار بقائه في منصبه من عدمه؟! وهل يستطيع ان يحميه ويدافع عنه متى يقرر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اقالته عندما يرى ان سقف المطالب الحضرمية المشروعة التي يقرها الحضارم ويتبناها المحافظ تتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعوها لمنع حضرموت من نيل حقوقها المسلوبة وما اكثرها واعظمها منذ 1967م ولليوم .
هنا مربط الفرس اذا نريد ان يكون لحضرموت صوتا مسموعا وهيبة ، ولتحقيق ذلك فهي بحاجة لتوحيد الصف عملا لا قولا بعيدا عن حسابات الربح والخسارة ، وبعيدا عن الشطط السياسي ، وانتهاج واقعية سياسية تستلهم الحاضر وتستشرف المستقبل، والعمل بمرونة مع حزم في الدفاع عن ثوابت ومصالح حضرموت العليا ، والتعامل مع المختلف ومد اليد له في القواسم المشتركة، أما التشنج والعناد واستجرار الماضي بما يعطل مصالح الحاضر والانتقال للمستقبل لن يات بخير لحضرموت..فالسياسة فن الممكن وليس قوالب جامدة..لذا فمن المهم التعامل معها بفكر منفتح وليس بتعصب وحسابات ضيقة.. فالطيف الحضرمي واسع والاستفادة منه واشراكه في رسم خارطة حضرموت في الحاضر والمستقبل هي مقدمة النجاح، فحضرموت تمتاز بخاصية التميز والتنوع الحضاري والفكري والثقافي والاجتماعي الذي يتسم بالتعايش والمحبة والسلام والوسطية ، فمن الاهمية بمكان الحفاظ على هذا الارث بعدم نسفه من خلال حصر مصالح حضرموت في تيارات واحزاب ومكونات وشخصيات بعينها وتدوير اشخاصها للحفاظ على مصالح قيادات هذه التيارات والاحزاب والمكونات ، وهنا يبدا بيع حضرموت وحقوقها في سوق مكاسب الافراد والاحزاب والمكونات والتيارات ولعبة المصالح والضحية شعب حضرموت المغلوب على امره والذي ذاق صنوف التهميش والضياع في الماضي والحاضر ولديه من التجارب ما يكفي ، وليس لديه قدرة على ان يكون حقل تجارب ، بل يطمح ان يستوعب من يتحدث باسمه مطالب الحضارم في الحياة الكريمة في ارضهم التي تزخر بالخير الوافر والعقول الزكية والتاريخ العريق والحضارة التليدة ويطمحون في ان تتجسد واقعا معاشا وليس في اروقة السياسة واجهزة الاعلام ووسائل التواصل وديباجة البيانات..وهذا بحاجة للقبول بالاخر والتعايش معه وفتح قنوات التواصل والعمل على القواسم المشتركة ، وتوحيد الصف الحضرمي وحسن الظن ومغادرة مصالح الذات والانانية والتي هي اصل كل بلاء وخلاف وتشرذم وخصام.. بل يتم فتح الايادي للجميع نحو هدف واحد
وهي حقوق حضرموت كاملة غير منقوصة في السيادة على ارضها كافة اقتصاديا وعسكريا وامنيا واداريا حاضرا ومستقبلا.