آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-11:23ص

استراتيجية التدخل العسكري لحلف الناتو!!

الخميس - 01 يونيو 2023 - الساعة 03:18 م

د. وليد ناصر الماس
بقلم: د. وليد ناصر الماس
- ارشيف الكاتب


رأينا في تدخل حلف الناتو في ليبيا في عام 2011م، من تدرج واضح في الأعمال العسكرية، إذ نرى الأمر نفسه ينسحب على دعم الناتو ذاته لأوكرانيا في مواجهة روسيا.
تدخل حلف الشمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا بناءً على تفويض خوله إياه مجلس الأمن الدولي، وفقا لقرار صدر تحت البند السابع، يدعو لفرض حظر جوي فوق الأراضي الليبية بحجة حماية المتظاهرين، القرار واضح ولا يقبل التأويل، إذ من صلاحيات هذا التدخل السيطرة على الأجواء الليبية، ومنع الطيران الحكومي من التحليق وحسب، لكن ما حدث كان منافيا لمضمون القرار، إذ اعتمد المتدخلون على التأويل الواسع لمفهوم ذلك التفويض طبقا لأهدافهم، فقاموا أولا بتدمير الدفاعات الأرضية الليبية، ثم تطور الأمر بمهاجمة الأهداف على الأرض، ثم منحوا أنفسهم فرصة لتقديم الدعم العسكري للمسلحين المناوئين، ثم تدخلوا مباشرة على الأرض.

استراتيجية الناتو العسكرية لم تتغير في الموضوع الأوكراني، إذ تم استدراج موسكو بادى الإمر حتى وصلت قواتها مشارف كييف دون الحديث عن أي دعم، مما أوحى للجانب الروسي عن عجز الناتو عن فعل شيء يذكر، بعدها بدأ دعم الناتو لكييف بأسلحة خفيفة للغاية لا يمكنها قلب المعادلة، ثم تلت ذلك شحنات من الأسلحة المتوسطة، ومع احتدم الصراع واشتداد ضراوته ومضاعفة روسيا لجنودها وسلاحها، وصلت أسلحة ثقيلة لأوكرانيا ولكن بكميات قليلة، خنقت نشوة النصر الروس، فأعلنوا عن خطتهم لضم أربعة من الأقاليم الأوكرانية في شرق البلاد، فكانت عندها المفاجأة، فقد وصلت كميات كبيرة ونوعية من الأسلحة الغربية لكييف، أحدثت تغيير واضح في ميزان المعارك على الأرض.

لم يتوقف الغرب عن تزويد كييف بكل ما تتطلبه معاركها مع الروس، فكل يوم يعلن عن نيته إرسال المزيد من الأسلحة المتطورة، كأن آخر تحديث لذلك الدعم ما أعلن مؤخرا عن النية بتزويد أوكرانيا بمقاتلات من الجيل الرابع من طراز f16، وهو ما يعني انقلاب واضح للموقف الغربي المعلن في بداية الحرب.

التطور اللافت اليوم تلك التصريحات التي خرجت عن الخارجية البريطانية، والتي اعتبرت استهداف كييف للعمق الروسي حق مشروع، تبع ذلك موقف مماثل من الحكومة الألمانية، ثم إن واشنطن أكبر الداعمين لم تشترط على الأوكران عدم استخدام الأسلحة الأميركية في استهداف أي من الأراضي الروسية، كل تلك التطورات الدراماتيكية توحي اننا أمام تصعيد خطير للحرب الروسية الأوكرانية، وقد تنتقل المعارك إلى الحدود الفاصلة بين البلدين.

بإيجاز يعمل الغرب على استنزاف موسكو بشكل متدرج، ولن ينقل معاركه من خلال الأوكران إلى الداخل الروسي، إلا بتأكده تماما من تراجع قدرات موسكو على دحر المعارك بعيدا عن أراضيها.