آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-02:59ص

سايكس بيكو والربيع العربي .. التاريخ يعيد نفسه ..!!

الخميس - 01 يونيو 2023 - الساعة 03:12 م

إبراهيم ناصر الجرفي
بقلم: إبراهيم ناصر الجرفي
- ارشيف الكاتب


أعتقد جازماً بأن الكثير من العرب وخصوصاً المتحررين من التعصبات المذهبية والطائفية ' وغير المؤدلجين في الأحزاب والجماعات ذات النزعة الإيديولوجية ' والمتحررين من العمالة والتبعية والولاء لمشاريع توسعية خارجية ' قد أدركوا جيداً بأن نكبة الربيع العربي ليست أكثر من مؤامرة خارجية استهدفت الهوية والقومية العربية ' مؤامرة توافقت عليها قوى إقليمية ودولية لديها مشاريع توسعية واستعمارية في المنطقة العربية ' ولم يعد يخفى على أحد بأن هذه المؤامرة ركزت بالدرجة الأولى على إسقاط الأنظمة العربية القومية القائمة ' بهدف إزاحة آخر قلاع الممانعة القومية العربية ..!!

ولم يعد يخفى على أحد بأن مؤامرة الربيع العربي قد حظيت بتأييد إقليمي ودولي وأممي كبير ' تحت ذرائع ديمقراطية وسياسية وحقوقية وإنسانية ' لذلك لن نبالغ إذا وصفنا هذه المؤامرة بمؤامرة دولية وإقليمية ' استهدفت هوية وقومية واحدة ' بهدف تمزيقها وتقسيمها واضعافها ' ويبدو بأن التاريخ يعيد نفسه ' فما حدث في سايكس بيكو يتكرر اليوم ' وإن تغيرت المسميات والحدود الجغرافية لتقاسم النفوذ على الأرض العربية ' وأن تغيرت وجوه وجنسيات المتقاسمين وإن تغيرت دوافعهم وأهدافهم ' لكن تظل القومية العربية والأرض العربية هي المستهدفة ..!!

والجديد في الموضوع .. أننا عندما كنا نقرأ في كتب التاريخ حالة الضعف والتشرذم والخلافات القائمة داخل المجتمع العربي آنذاك ' لم نكن ندرك الدور الكبير الذي كان يقوم به المتعصبون المذهبيون والطائفيون والمؤدلجون والموالون للمشاريع التوسعية والاستعمارية الخارجية ' وكنا نظن أن المؤرخين يبالغون في ذلك ' فلا يمكن لإنسان عربي ترعرع فوق ثرى الأرض العربية وشرب من مائها وأكل من خيراتها وأستظل تحت سمائها ' أن يساعد الطامعين والمعتدين عليها ' وأن يجعل من نفسه أداة في خدمة مشاريعهم التوسعية والاستعمارية ، التي تستهدف هويته وقوميته وعزته وكرامته ..!!

لكن بعد أحداث مؤامرة الربيع العربي تبين لنا حقيقة الدور السلبي للمتعصبين المذهبيين والطائفيين والمؤدلجين والموالين لمشاريع توسعية خارجية ، نعم لقد شاهدناهم وهم يخربون أوطانهم بأيديهم ' وهم يعملون على إسقاط أنظمتهم ودولهم ' وهم يجرون أوطانهم نحو الفوضى والعنف والتقسيم والتمزيق ' والأفظع من ذلك وهم يتفاخرون بتبعيتهم وولائهم للمشاريع التوسعية الخارجية ' ويعلنون الحرب على كل ما له علاقة بهويتهم وقوميتهم ' والأدهى من ذلك وهم يدافعون بإستماته عمن يستهدف قوميتهم ويستعمر أرضهم ' بل ويموتون من أجل أن تصبح أوطانهم تحت سلطة وهيمنة المشاريع التوسعية الخارجية ' لهذه الدرجة تختل الموازين الفكرية والقومية والوطنية والسياسية لدى هذه الشريحة من المجتمع طمعاً في تحقيق مصلحة شخصية أو حزبية ' أو تعصباً لنزعة مذهبية أو طائفية ..!!

نعم ها هو التاريخ يعيد نفسه ' وها هي القومية والهوية والأرض والثروات العربية ' يتداعى عليها الطامعين والمستعمرين الاقليميين والدوليين ' كما يتداعى الأكلة على مائدة الطعام ' وها هم المتعصبون والمؤدلجون والموالون لهم من العرب ' يساعدونهم وبكل إخلاص وتفاني لتنفيذ مشاريعهم التوسعية وتحقيق أطماعهم الاستعمارية ' طبعاً هؤلاء وهم يقومون بهذه الأدوار السلبية تجاه قوميتهم وأوطانهم لا يقومون بذلك بشكل واضح ولكنهم يغطون ذلك ويبررونه بمبررات دينية أو مذهبية أو طائفية أو حزبية ' وتحت شعارات براقة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه التبعية والولاء والخضوع والخنوع لمشاريع نوسعية خارجية ..!!