آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-10:43ص

متعففون..!

الأحد - 28 مايو 2023 - الساعة 11:14 ص

فهد البرشاء
بقلم: فهد البرشاء
- ارشيف الكاتب


 

صدق الحق حينما قال( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف)، فلم يأت هذا التوصيف البليغ الواقعي من فراغ وإنما هو حقيقة معاشة لأناس آثروا الصمت على أن يسالوا الناس حاجة أو شيئاً مهما بلغت حاجتهم لهذا الشيء..


لايسألون الناس رغم فاقتهم وعوزهم وقلة ذات اليد فترى الإبتسامة على محياهم والقناعة في قلوبهم والراحة في نفوسهم دون ضجر أو تأفف أو ضيق أو عدم رضا..


تسير حياتهم بأقل القليل بل دون القليل بكثير ومع هذا لاينزلوا منزلاً لايليق بكبرياء نفوسهم ولا بقناعة قلوبهم التي تأبى أن تذل..


متعففون على قارعة الحاجة والفاقة والعوز الذي يعصف بحياتهم وأسرهم ومن يعيلونهم
ولكن هيهات أن تنحني هاماتهم وتتمرق أنوفهم في وحل السؤال مهما بلغ بهم الحال..


ما أن تنظر إليهم أو تتأمل ملامحهم يخيل إليك أنهم يملكون ما أن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة،لكنهم في حقيقة الحال مهدودي الحيل مكدوي الحال..


تهلج السنتهم بالشكر والحمد ودوام النعمة وبقائها،والتهليل والتكبير على عظيم ماهم فيه من النعيم المقيم والخير والوفير،هكذا هم حامدون شاكرون راضون بما قسم الله لهم..


يصدمك حالهم (المغلف) بالعفة والطهارة والنقاء والصبر والتجلد مع أن أمعائهم خاوية، وبيوتهم خالية، وأطفالهم جائعة،وقواهم خائزة..


لاتعرفهم إلا حين (تسبر) أغوارهم، وتغوص عميقاً بين ثناياهم،وتفترب من ذواتهم، وتلامس شغاف قلوبهم،وتعطي لكبريائهم الأمان، فتنصدم أنهم على هذا الحال المؤلم والموجع..


أناس يعيشون بيننا، يتسللون إلى قلوبنا، يكرمونا بطيب أخلاقهم وجمال إبتسامتهم، وهيبة رؤيتهم، رغم أنين دواخلهم، وصراخ أحشائهم، وبكاء قلوبهم..