آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-08:23ص

ثائرون بلا قضايا ولا رؤى

الأحد - 21 مايو 2023 - الساعة 05:45 م

عبدالله محمد الجفري
بقلم: عبدالله محمد الجفري
- ارشيف الكاتب


كانت ثورات الربيع العربي , تعبيراً ثورياً عن حالة الغضب والغليان التي تعيشها الشعوب العربية جراء موجة متداخلة من النكسات والانحطاط والانبطاح للغرب , ومن الفساد والظلم والاستبداد ونهب خيرات البلاد لشرذمة قليلة من رجال الحكم وبطاناتهم ... ثورات حملت كثيراً من معاول الهدم للأنظمة الفاسدة وللطغاة المستبدين , ولكنها لم تحمل رؤى واضحة مفصلة تقوم على نقد الواقع , وتحديد إشكالياته , وتبني المواقف التي يتغير الواقع بها ويتطور . 

وكنا نحمل المثقفين وحدهم مسؤولية فشل هذه الثورات لأنهم – في رأينا – لم يقدموا مشروعا نهضويا , يكون الحل لكل الإشكاليات التي قامت الثورات لمواجهتها والقضاء عليها , مشروعاً يلتف الناس حوله , ويسعون لتحقيقه , ولم نكن نظن أن الخيانة كانت عامة حتى من الثور أنفسهم . 

وصل ثوار إلى سدة الحكم , ففعلوا من الفساد والمظالم مثل ما كان في النظام الذي ثاروا عليه وأسوأ , وعرضت مناصب على ثوار فنسوا القضية وباعوها وفرحوا بالأكل على الموائد الدسمة , وتولى ثوار الأمن والمرافق الحيوية والمعابر , فتحولوا إلى لصوص وقتله وبلاطجة وقطاع طرق  . والخيانة الكبرى أن من لم يتلوث بكل هذا , ما زال مشروعا مماثلا لهم في كل شيء , لسبب بسيط لأنه لا يحمل رؤية , ولا يملك قضية تغيث الإنسان , وترتقي بإنسانيته ومجتمعه , وفيهم كتاب يزورون الحقائق ويبنون على التزييف مواقف باطلة , لا لشيء ولكن لأنهم مشروع عميل مرتزق يبحث عن شارٍ له .  كلمني مناضلون يسعون لتشكيل كيان جامع , وسألتهم عن مشروعهم السياسي والحضاري , ولم يفهموا عليَّ . سألتهم عن قضيتهم التي يحملونها ويعملون عليها , فبدو تائهين , يفكرون للرد علي لا على أنفسهم , استفزهم السؤال , وركبوا مطية التعالي والغرور , فكان جوابهم أشد سواء من التيه والمتاهة والغرور . وليتهم صمتوا , عشر سنوات ونيف منذ بدأت ثورات الربيع العربي , قدمت من الدروس والعبر ما يفترض عقلاً أنه كافٍ ليقوم الأحرار والمناضلون على تلافي النقص في الثورات والعمل على بناء صرح نهضوي شامل لحياة المجتمع اليمني . ولكن للأسف وجدنا أكثرهم , يأكلون من الكذب  يجعلون رزقهم أنهم مكذبون ويكذبون  , يتنكرون للحقائق , يزورون الوقائع , ويدعون أنهم ثوار ومناضلون . ألا ساء ما يفعلون . 

إن الثائر الحقيقي هو من يملك رؤيته ويحمل مشروعاً , ينقذ الإنسان  ويرتقي به وبواقعه وبحضارته , يجعل خير الإنسان وسعادته وصيانه حياته وكرامته أكبر قضايا . هذا هو الثائر الذي افتقدته ثورات الربيع العربي , وهو الثائر الذي يجب أن نكون معه في اليمن , وعليه فيجب البحث عن الرؤى والأفكار والمشاريع لا الأشخاص , البحث عن الصادقين في مشاريعهم لا الكاذبين , لأن الله يأمرنا أن نكون مع الصادقين .