آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-07:42م

في دلالات الرجولة عند العرب ومعانيها

الجمعة - 05 مايو 2023 - الساعة 12:08 ص

د. عوض احمد العلقمي
بقلم: د. عوض احمد العلقمي
- ارشيف الكاتب


   لعل كثيرا من العرب اليوم لايدركون مفاهيم الرجولة ، أو يحصل اللبس لديهم في معرفة بعض معاييرها ، بل أظن أن منهم من يعتقد أن الذكر هو الرجل ؛ لذلك آثرت أن أختص الرجولة بسردية الليلة ، لعل في ذلك مايفيد النشء من أبنائنا وبناتنا ، ويذكر الغافلين من رجالنا ونسائنا ، استنادا إلى قوله تعالى : "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" ، علما بأنني سوف أستند في صوغي لهذا الخطاب السردي على ماتجود به الذاكرة مما سمعته أو قرأته أو رأيته من أقوال الحكماء وأفعال الرجال النبلاء ، وتجربتي منذ أن ولدت إلى اليوم ، وأنا قد نيفت على الخمسين العام .
   أما الليلة يابني فإني سأتحدث عن الرجولة التي أصبحت في مهب الريح - إن جاز التعبير - لاسيما في عصركم هذا ؛ لذلك أرجو أن تصغي إلي جيدا ، لعلك بذلك تفيد وتستفيد ، حسنا يا أبي ، ها أنا كلي آذان صاغية . هل هناك فرق بين الذكر من بني آدم وبين الرجل يابني ؟ أجل يا أبي هناك أكثر من فرق ، إن أردت أن أذكر لك شيئا منها سأفعل ، أجل يابني ، اسرد لي شيئا منها ، اعلم يا أبي أن الذكر هو عكس الأنثى من بني آدم ، ولايعني ذلك أن من بلغ الحلم أو بدأت تنبت شعيرات في لحيته وشاربه وفي مواضع أخرى من جسمه قد أصبح رجلا يا أبي ؟ ولكن أظن أن الرجل هو من امتلك من الصفات الخلقية والخلقية والوراثية والمكتسبة التي تؤهله لنيل اللقب (رجل) . أحسنت يابني ، ولكن هل تستطيع أن تأتيني بشيء من تلك الصفات ؟ أجل يا أبي ، منها : الفتوة والشجاعة والكرم والإيثار والصدع بكلمة الحق وإن كانت على نفسك أو على أقرب الأقربين منك ، أحسنت يابني ، لكن من أين أتيت بهذه الكلمات الشافية الكافية ؟ أونسيت يا أبي أن تخصصك اللغة العربية ، وعلى وجه التحديد الأدب والنقد ، فضلا عن حبك اللغة العربية وشغفك بها  الذي قل ما رأيته في غيرك ، بل ما أسمعه منك كل يوم من أشعار العرب ومآثرهم وأيامهم وأحسابهم وأنسابهم ، أولم أسمعك يا أبي تكرر على مسامعي قول طرفة بن العبد في الفتوة :
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني ** عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
وكذلك في معاني الشجاعة والثبات وفنون القيادة قول أبي بكر الصديق في البطل العربي خالد بن الوليد :
" لقد عجزت النساء أن يلدن مثل خالد " واستعراضك يا أبي في الكرم والإيثار والأخلاق السامية قول المقنع الكندي :
وإن الذي بيني وبين بني أبي ** وبين بني عمي لمختلف جدا
فإن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم ** وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا
وإن زجروا طيرا بنحس تمر بي ** زجرت لهم طيرا تمر بهم سعدا
وإني لعبد الضيف مادام نازلا ** وماشيمة لي غيرها تشبه العبدا
لهم جل مالي إن تتابع لي غنى ** وإن قل مالي لا أكلفهم رفدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم ** وليس زعيم القوم من يحمل الحقدا
   لقد أجدت يابني وأحسنت ، وكأنك قد أزمعت أن لاتترك لي شيئا أقوله . انتظرونا أعزائي القراء لعلكم تظفرون بالداء والدواء في السردية القادمة ...