آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:33م

أُسْطُورَةُ الخَضِرِ .. مِنْ أبينَ إلى الشامِ والعراق ..(سرُّ الخلودِ) (4)

الأربعاء - 03 مايو 2023 - الساعة 09:05 م

د. مجيب الرحمن الوصابي
بقلم: د. مجيب الرحمن الوصابي
- ارشيف الكاتب


 مَاءُ الحَياةِ - تكْذِيبهُ للأعورِ الدجالِ -  دفنُهُ لآدمَ؟ 
ثمّة اعتقادٌ شائعٌ بينَ الناس أنّ أظافرَ الإنسانِ تستمر بالنمو بعد الموت و شعره... و(الخضر) متّصِفٌ بالخلود، لذا نتأوّل السبب في نزوع الروايات الشعبية لنزع أظافر الخضر وجعلِ بعضِ أعضاءِ جسده ليِّنةً وأحيانا كُلّها كالكاهن (سُطيح)؛ كان بلا عظمٍ ويُطوى كما يُطوى السُّجاد، تعمّر بحسب المرويات الجاهلية ستة قرون!

       تتداول المصادر الإسلامية وسرديّاتِها ثلاثَ رواياتٍ أساسيّةٍ حول خلود الخضر، يكذّبها ابن تيمية وأصحاب الفكر السلفي،... إحداها أنه كانَ من قادةِ ورجال ذي القرنين، تلك الشخصية المذكورة في القرآن التي بلغت مشارق الأرض ومغاربها، حسب الرواية القرآنيّة.
      أَرَاْدَ ذو القرنينِ أن يخلّد ولا يموت، فأعلمته الملائكة أن هناك عين ماءٍ من شرب منها لا يموت، لينطلق ذو القرنين ببعض جيشه باحثاً عن العين  لسنوات عديدة. 
       
       لَكِنَّ الخضرَ سبق بقوّاته إلى العين وشرب منها، بينما ذو القرنين كان متخلِّفاً عن رَكْبِ الخضرِ؛ ولم يلحظ عين الماء ويشرب منها، فخُلّد الخضر، حسبما ذكر ابن كثير...... (تناصٌّ مع أسطورة جلجامش العراقية)!
       أمّا الرّوايةُ الثانيةُ:  مفادها أن جسدَ آدمَ عليه السلام  كان مخفيّاً في مغارةٍ لم يُدفن، ودعا لمن يعثر على جسده ويدفنه بأن يطُولَ عمره إلى يوم القيامة، فلما وقع طوفان نوح عثر الخضر على الجسد ودفنه، بعدما علم من نوح بأمر دعوة آدم لمن يدفنه. 
      ذَكَرَ ابنُ إسحاقَ: أن آدمَ عليه السلام لما حضرته الوفاة، أخبر بنيه أنَّ الطوفان سيقع بالناس، وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السفينة، وأن يدفنوه معهم في مكان عيَّنه لهم.
   
     فَلَمّا كان الطوفانُ حملوه معهم، فلما هبطوا إلى الأرض أمر نوحُ بنيه الثلاثة وهم: سام ، وحام، ويافث أن يذهبوا بجسده ليدفنوه حيث أوصى؛  فقالوا: إنّ الأرض وحشَةٌ وليس فيها أنيس؛ ولا يُهْتدى إلى الطريق .....لكن نكفّ حتى يأمنَ الناسُ ويكثروا وتأنس البلاد وتجفُّ...  فحرّضهم وحثهم على ذلك؛ وقال: إنّ آدم دعا لمن يلي دفنه إلى يوم القيامة  بطول العمر، فهابوا المسير إلى ذلك الموضع في ذلك الوقت، ليظلَّ جسد آدم عليه السلام عندهم حتى كان الخضر هو الذي تولّى دفنه، وأنجز الله ما وعده فهو يحيا إلى ما شاء الله له أن يحيا.
    
     تَقُولُ الروايةُ الثالثة:  إنَّ اللهَ أمدّ في عمر (الخضر) حتى يكذب المسيح الدجّال!      
     أَخْرجَ الدارقطني وابن عساكر من طريق مقاتل بن سليمان الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قال : الخضرُ ولد آدم لصلبه نُسِئَ له في أجلِه حتى يُكذّبَ الدجال " وهذا الحديث يعاضده آخر ورد في (صحيح مسلم) ضمن أحاديث الدجال أنّه يقتل رجلاً ثم يُحييه فيقول الرجل المذكور: أشهد أنّك الدجالُ الذي حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، قال إبراهيم بن سفيان صاحب مسلم وراوي حديثه: يقال إنّ ذلك الرجل هو الخضر، وهذه الرواية تقوِّي عند كثيرين أن يكونَ هو ( الخضر) لا غيره.

       نسينا خِرقة الخضر و(مشدّته) البيضاء /الخضراء في أبين  وشرعنا في بيان اختلافات الفقهاء في خلوده ... ونتتبع أثر (الخضر)  قادم الأيام بإذن الله  في الشام وروسيا وأسكتلندا والعراق؛ ثم نعود إليه في اليمن؛ لكن كيف رأى بعض الناس أنّ الخضر قد تمثل بشخصية الرئيس سالم ربيع علي ( سالمين) وحركته الاجتماعية التاريخية؟. 
إنَّ الثقافةَ/ الأسطورةَ غير منفصلة عنِ السياسةِ أو الدين أو الحرب.
   مجيب الرحمن الوصابي ... أكاديمي يمني مقيم في تونس