إن ّ تأريخ الإنسان ُ البشري على مر العصور والأزمان أكثرُ بشاعة ً ودموية مُنحصرةً على العداءات والأغلال الكبيرة الذي تُوج فيه الموت وما حمل ، ونُسفت فيه كل المعايير الإنسانية ، لقد خلق الله الأرض بيضاء على العدل والسلام وحرمة ُ الدم على منصة الحياة ولم يأبى الإنسان حينئذ ؛ فقتل قابيل هابيل مُعلنا ً إنتصاره على أخيه في معركة فردية مُلهمها الشيطان ولم يكن يعلم بأنه بفعلته سيورث ُ القتل لإخوانه حتى آخر مولودٌ على الأرض .. فمنذُ قتل قابيل هابيل والسلام شريد ُ الأرض !
لا توجد دولة على سطح الكوكب تعيش السلام اليوم بإعتراف مكانة الدم ومحكمة السائل المقدس ، لقد سَحق الحرب نصف الشعوب أما النصف الآخر ما برح من إنتظار أي لحظة أن تقرعُ فيها الطبول ؛ هذا فإن العالم اللتو بطوله وعرضه يعيش شبه فوضى من الفزع والخوف وعدم الإستقرار ، وهذا لمّا حظر الظلم ،وساد الفساد، وبدئت غدة المصالح تغشى الأمم كالنعاس ، حتى الآن لا توجد دولة عنونت السلام وصنعته على حوافها وسمائها ليعيش شعوبها بأمن ورضى وطمأنينة ، بل إن الدول التي تعيش السلام اليوم بزعمنا صنعته بالسيف ورؤوس الدمار الشامل ؛ فهل ثمة سلام يا الله يختبئ وراء كل ذلك ؟ هكذا تحضيرات العالم وتجهيزاته ُ للسلام للتّأهب في إعداد أسلحة دمار بمواصفات اللحظة الرهيبة ، بل أصبحت الدولة ذات التسليح الأقوى والتي يَختبى في باطنها إبادة إنسانية وجرائم جماعية أعظم وأهول هي من تمتلك السلام .. !!
السلام مولود مُهذب ولطيف على الأرض خَلقهُ الله فطرة في الروح البشرية ليحفظ الكيان الإنساني من الإنزلاق إلى فصائل حيوانية مفترسة ، وليدافع على مكانته وشرفه ودمه وكل حقوقه ، إن ّ السلام أبسط مما يتصوره مدراء العالم ورؤساءه البالغين التصور بإن السلام لا يأتي إلا بالحرب وسياسته الحمقاء التي تبنت كل المشاكل الواقعة على هذه المدورة ، بإذلال الشعوب وإخضاعهم وتركيعهم وتجويعهم ، إن ّ هذا لدلالة لما تنتجه العقول البلهاء في التحضير لمسرحيات قتال أكبر أما السلام فلا يأتي إلا بعدته وعتاده التي جائت في جبته ُ مُنذ أول نزول .... !!!
إنّ للسلام عدتهُ كما أن ّ للحرب عدته ! ولتكن عدّة الحرب مدافع وقنابل وإثارة أبشع ما في القلب البشري من عفن البغض والحقد والشهوات السود ، فعدّة السّلام قوت ٌ للجياع ، وكساء للعراة ، ومأوى للمشردين ، ودواء للمرضئ ، وكرامة للمهانين ، وحرية للمقيدين ، ومعرفة للجاهلين ، وانعتقاق للمستثمرين من المستثمرين ،وغفران للمذنبين ، وعدل للمظلموين ، وإعتراف باطني وعلني " بقداسة الحياة البشرية" وتنزيهها عن الأثمان ،ثم إعتراف مماثل بأنّ الإنسان أخو الإنسان وعونه ونصيره أينما كان ومن أي جنس كان ،وبأن الأرض ميراث للجميع ....