د. أحمد عبيد بن دغر
في ذكرى عاصفة الحزم
28 مارس 2023م
وَضَعت عاصفة الحزم حدًا للسيطرة الحوثية الإيرانية على اليمن، وساندت مقاومة وطنية سياسية وعسكرية تستمد شرعيتها من إرادة الشعب اليمني، وأغاثت إنسانيًا شعبنا المنكوب بالانقلاب، المسكون بالألم، كما وحدت العرب إزاء الانقلاب الحوثي، في تحالف عربي واسع لم تعرفه الأمة العربية من قبل، يعود فضل قيامه للأشقاء في المملكة العربية السعودية.
في السنوات الماضية دمر الحوثيون جسور الود وأواصر القربى بين اليمنيين، ويكرسون اليوم بوعي أو بدون وعي الانقسام الاجتماعي، وفي سبيل بقائهم في السلطة يفاوضون وعيونهم على بعض اليمن، فالوحدة ليست من مبادئهم أوأهدافهم، كما لم تكن كذلك لدى أسلافهم، لكنهم مثلما استخدموا معارضتهم للدولة الاتحادية ولحكومة الوحدة الوطنية بالأمس، يظهرون اليوم حرصًا زائفًا كاذبًا على الوحدة اليمنية.
كما أن من كوارث الانقلاب الحوثي أن دفع إلى سطح المجتمع كل الإرث التقليدي بكل تناقضاته الكامنة في الوعي الاجتماعي، فانبعثت من جديد الطائفية في أبشع صورها، والمناطقية في أكثر وجوهها تخلفًا، والتطرف في أبلغ أشكاله عنفًا، وللأسف في رضا أو صمت ظاهر من المجتمع الدولي.
يتجاهل الحوثيون أن الشعوب إذا ما خيرت بين الحرية والعبودية فهي حتمًا لا تختار سوى الحرية، والحرية قيمًا وثقافة تتعارض كلية مع النظرية السياسية للإمامة، وهو أمر يدركه الشعب اليمني، ويدرك أن حريته ووحدته الوطنية يقوضهما المضمون السياسي الرجعي للإمامة ذات الطابع العنصري واللاأخلاقي للحكم.
في الواقع الإمامة السياسية معضلة حقيقية تواجه الإنسان والمجتمع في اليمن. وتتغلغل في ثنايا الوعي الجمعي للبعض، وهي تمثل عقبة كأداء ينبغي تجاوزها، في خضم المجهود الوطني للحفاظ على اليمن موحدًا، كما أنها ظاهرة مستمرة من ظواهر الصراع على السلطة، بل الظاهرة الأكثر حضورًا في تاريخ اليمن.
ومع ذلك ففي سبيل الحرية، واستعادة الجمهورية، والمواطنة المتساوية، ومشروع الدولة الاتحادية الجامع وكامل الحقوق والحريات ليس أمام القوى الوطنية من خيار سوى المقاومة بكل أشكالها حتى يتحقق النصر، أو يحل السلام العادل والمشرف.
أننا نأمل أن تحدث التحولات الأخيرة غير المسبوقة في العلاقات الإقليمية انفراجه في العلاقة بين اليمنيين، قبولًا للآخر غير مشروط، وأن تدعونا جميعًا لإمعان النظر عميقًا فيما نحن فيه، وإعمال العقل فيما ينبغي علينا فعله. فقد أخذ الصراع منا مأخذه، واقترب خطر انهيار الدولة والمجتمع من كماله.
رئيس مجلس الشورى
النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام