آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-05:47م

من الآخر

الثلاثاء - 21 مارس 2023 - الساعة 09:52 م

د.عيدروس النقيب
بقلم: د.عيدروس النقيب
- ارشيف الكاتب


 
لم يعد الحديث عن عودة الوضع بين اليمنين السابقين إلى وضع الدولتين الشقيقتين جديداً، فقد اخذ من التناول والتحليل والتنظير والتبرير ما يكفي وما يسد الأبواب على أية اجتهادات إضافية.
الجديد اليوم هو ما أحدثه إعلان بكين الثلاثي المتضمن عودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية وما سيترتب عليها من انعكاسات حتمية على الأزمة والحرب في اليمن، بغض النظر عما احتواه البيان أو ما ستتضمنه الملحقات غير المعلنة عن هذه القضية.
نحن اليوم أمام الحقيقة الواقعة العارية الناصعة الوضوح (حلوةً كانت أم مرة) وهي إن وضع الدولتين قد صار قائماُ ولم يتبقَّ له إلا اللمسات الاخيرة، وهي توقيع ممثلي الدولتين الجنوبية والشمالية على اتفاق الإعلان الذي ينبغي أن يشتمل على الضمانات والحقوق والالتزامات والمشتركات بين الدولتين، بما يضمن عدم العودة إلى أزمنة الحرب والغزو والاستقواء.
سيكون من مصلحة الشعبين وممثليهما وقواهما السياسية التعامل مع الوقائع على الأرض بدلا من التحليق في فضاءات الشعارات واستدعاء المقدسات الملفقة، ومن بينها ثقافة التهديد والوعيد، وعلى من يتمسك بهذا النهج أن يتذكر كيف كان الوضع ما بعد صبيحة 7/7/1994م حينما صحا الناس على معادلة طرفها الأول يمسك بكل المعطيات المعلومة والمجهولة وطرفها الآخر =صفر، ثم كيف كان الزمن وقانونياته ونواميسه الحتمية كفيل بتصحيح المعادلة لتغدو على ما هي عليه اليوم معادلة سليمة بطرفين متساويين.
كيف السبيل؟
من أجل الانتقال السليم والآمن إلى دولتين شقيقتين جارتين متعايشتين، كان كاتب هذه السطور قد قدم مجموعة من الأفكار قبل اتفاق بكين، وأعتقد أنها الآن أكثر قابلية للتعاطي الجاد بعيداً عن نزعات التذاكي ومحاولات الاحتيال والاستغفال والخداع التي لم تثمر إلا مجموعة عبوات ناسفة جرى تاجيل انفجارها إلى حين.
وكانت مقترحاتي تتلخص في الآتي:
إننا بحاجة إلى مرحلة انتقالية يمكن الاتفاق على مداها الزمني تتضمن:
١. تعديل توزيع المهمات داخل المجلس الرئاسي من خلال اختيار رئيس جنوبي ونائب اول شمالي وبقية الأعضاء كما هم أعضاء في مجلس الرئاسة وليسوا نوابا، وأقول رئيسا جنوبيا لأن المهمة أمام هذا المجلس هي إدارة الثروة والشعب والارض الجنوبية.
٢. إعادة تشكيل الحكومة من خلال ثلاث حكومات
أ. حكومة مركزية مصغرة برئيس جنوبي ونائب شمالي وأربعة إلى ستة وزراء فقط لتولي الوزارات الرئيسية.
ب. حكومة لإقليم الجنوب تتولى إدارة مناطق الجنوب، التي يسمونها المحررة وإدارة الموارد الجنوبية وتدبير الخدمات ومعالجة مجمل احتياجات الناس الضرورية بما فيها المرتبات وإعادة تفعيل المنظومة الإدارية والقضائية والتنفيذية عموما في الجنوب
ج. حكومة لإدارة شؤون الشمال ويمكن أن تدير المديريات المحررة زتتصرف بمواردها وكذا إدارة العلاقة مع الحوثيين (سلما أو حربا) والسلم هو الخيار الذي يتمناه الجميع بما في ذلك التفاوض بشأن الحلول النهائية .
٢. يشرف المجلس الرئاسي مع الشركاء الإقليميين والدوليين على المفاوضات في الاتجاهين:
أ. مفاوضات شمالية شمالية لوضع الحلول النهائية لأزمة الحرب والانقلاب وتقديم المقترحات التي تمنع الانزلاق إلى الحرب مرة أخرى وتشكيل حكومة شراكة وفقا لما ستسفر عنه المفاوضات.
ب. مفاوضات جنوبية شمالية تضمن الانتقال السلس والآمن إلى نظام الدولتين المتجاورتين كما كان الوضع عليه قبل ١٩٩٠م مع تحديد واجبات والتزامات وحقوق كلي الطرفين، وتحريم الحروب والمواجهات المسلحة بين الدولتين وتحديد الشراكات المستقبلية بما في ذلك مصالح الجنوبيين في الشمال ومصالح الشماليين في الجنوب ونظام التنقل والعمل والاستثمار بين الدولتين والكيانين الجغرافيا.
إن أي تسويف أو تأجيل أو مماطلة في بحث هذه القضية الآن بلا تأجيل، سيضيع فرصة على الجميع ويخلق بيئة أخرى في غير صالح الجميع قد تقود مجددا إلى حروب لا يعلم عواقبها إلا الله.