آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-10:02م

قفص الاختلاف ، سجن المختلف

الأربعاء - 15 مارس 2023 - الساعة 08:27 ص

جاكلين أحمد
بقلم: جاكلين أحمد
- ارشيف الكاتب


علينا أن نفهم وبكل عقلانية أننا وجدنا في هذه الحياة بمختلف ألوانها، وأشكالها، وطرقها، ومسالكها لنختلف ونملأ هذه الدنيا اختلافا لنعرف صنوفها وجمالها،  فلو كانت على شكل واحد وطريقة واحدة ومسلك واحد فما فائدة أن  الله خلقنا أقواما وقبائل مختلفة لنتعايش ونتعرف ونتفق ونختلف. 

لن تستقيم الحياة بلون واحد وميول واحد ولا فكرة واحدة  بل تبدو أجمل باختلاف الطرائق والمسالك والأفكار، لكن الأهم من ذلك الاختلاف هو تقبل الآخر المختلف عنك دونما تجريمه وابغاضه والخوض في شؤونه وكل ذنبه أن اختلف عنك وأنت لاتطيق المختلف وتريد صبغ كل الحياة بلونك ولا تتقبل غيره. 

الاختلاف في الرؤى والأفكار أو حتى الميول لايعني أننا قد أصبحنا أعداء ينتظر كل منا زلة للأخر حتى يبني عليها عداوة لاتنتهي. 

أن تنتقد فكرة ما أو حتى توجها ما هذ لايعني أيضا أن أتصيد أمورك الشخصية لأحولها إلى مسرحية هزلية يتناقلها الناس بالتجريح وقلة الاحترام.

اختلافنا لايعد عداوة وبغضاء بيننا في حد ذاته، يمكننا أن نختلف في الفكرة والتوجه والميول  لكن علينا أن نتعلم أن نحتفظ باحترامنا للأخر الذي نختلف معه مهما بلغ اختلافنا. 

الخوض في الأمور الشخصية والأسرية الخاصة بالمختلف عنا  في الفكر والميول والتوجه لاتعد شجاعة ولا قوة ولا تجسيدا للصدق وقول الحق بل هو أدنى أنواع البشاعة أن تنهش  شخص جل ما فعله أنه اختلف عنك وقد صور لك عقلك أن اختلافه معك جريمة يستحق عليها العقاب بتشويهه والخوض في خصوصياته أو حتى الخوض في شؤونه العائلية. 

لا تتحول الحياة إلى عراك مستمر وتصيد مستمر لأخطاء المختلف عنك ، ولا تكبر أنت كلما تهجمت أكثر وأثخنت الآخر المختلف عنك بالسب والشتم أو حتى بالتنمر والتهجم بأنواعه والانتقاد السلبي لكل أحواله تحت عذر قول الحق. 

في الحقيقة ان ذلك لايعد قول حق بل يعد فجور في الخصومة لأن انتقاد فكرة أو توجه لايعطيك الحق بأن تصبح جلادا ينتظر كل صغيرة وكبيرة تخص المختلف عنه ليجلده بها ويشير له بين سطور كلماته تحت عذر الشجاعة في قول الحق وهذان أمران مختلفان فقول الحق يتصدى للخطأ بكونه فعل غير مقبول ولاينبش في أمور صاحب الخطأ الشخصية. 

ولايصنع من الاختلاف قفصا يحكم إغلاقه ويسجن المختلف  عنه فيه تحت عذر أنه على حق وغيره الخطأ فلا حقيقة مطلقة ولا صواب مطلق.