آخر تحديث :الأحد-08 سبتمبر 2024-07:51ص


رمضان وأهل المدينة

الأربعاء - 08 مارس 2023 - الساعة 10:16 م

عبدالله القادري
بقلم: عبدالله القادري
- ارشيف الكاتب


في السابق كان أهل المدينة آمنون ، يَسبقون المواسم بالحفاوة والإستقبال وإظهار الفرحة والطقوس التي تقلدوها من آبائهم وأجدادهم وأهليهم الأقدمون الذين لم تصل لهم إبر الحاضر والوقوع بدهاليزه الضيقة ، استقبال أشهر الخير والمواسم الطيبة ومنها رمضان ، بالتراحيب والأهازيج حتى وقفة الشهر الكريم وامتلاء الفرحة في أزقة وشوارع المدينة بين الأطفال والشباب والرجال ومن ثم تحولت إلى عادات ملازمة يُظهرونها ولا ينقصون جزءً منها حتى الوقت القريب ..

اليومَ لا حفاوة ولا استقبال لرمضان هذا العام ، سيكون كإخوته من النسخ السابقة بلا أي معنى ، في هذا رمضان يعتذر سكان المدينة من أن يُظهرون الفرحات التي كان وقد شهدوها في ما مضى من وقت بطفرة من السعادة والسرور ، وعاشوا لحظاتها بجل قلب ، رمضان سيأتي بحجم كبير أكبر من السابق من التزامات ومقاضي غذائية لا يستطيعون جلبها لآهاليهم في هذا الشهر الكريم ، يترتب على أهل المدينة السكوت كما لو كان عدواً سيباغتهم ويغدوا بعد أيام ، تكاليف الشهر غالية جداً ، غلاء معيشي يفوق الخيال ، في وطن يجلد شعبه من أقصاه إلى أقصاه ولا يقتصر على منطقة أو مدينة كهذه المقصودة عدن بالذات .

في هذا الشهر يزداد جُرم التجار والباعة على الطرقات ، وأصحاب المحلات الكبيرة والصغيرة وبائعي السمك واللحوم والخضروات والفواكة وحتى الملابس في فرض أسعار خيالية في هكذا مناسبة ، في هذا الشهر يزداد الطمع على تنمية الثروة لدى التجار مستغلين قوت الشعب ، وحاجاتهم ، تصوروا حال المدينة وحال رجالها في ظل سباق الفئة المحتالة على تجهيز آلة القطع ذات النصل الحاد للفتك بهم في موسم الصيام لكأنه موسم ذات طابع اقتصادي هو الوحيد في العام حتى يتسابقون عليه ؛ بالطبع سيكون موسم الفلات و النجاة منه ربح عند أهل المدينة والتنصل من آيدي التجار أعظم مكتسب ولا يهمهم سوى كيف يقضون أيامهم بسرعة للهروب من طمع الفئة أعلاه . 

بالأخير اعتادت المدينة على العيش بسلام كما في السابق ، على محافظ واحد أو مسؤول واحد أو اثنين بالكثير ، وكانت رائحة الشهر الكريم تعتلي كل شارع ومنزل ، كم من رمضانات عاشتها بلا تزاحم السلطات والكراسي وأصحاب الكروش الضخمة ، بلا هذا المعاشيق الذي عرفناه بشره ، بلا رئيس يقع على قصره الشاهق طرف البحر او سبعة رؤساء اللتو كلاً في معقله ، بلا ألف هيئة وألف مسؤول حكومي أحدثوا زحمة كبيرة وأدخلوا المدينة في تخمة من وجباتهم الدسمة ، هؤلاء أحدثوا في المدينة مالا يحدث فيها أحد ، أحدثوا فيها الفساد ، أما أهل المدينة فيعتذرون لهذا رمضان بقلب شجاع عن عدم توفر أبسط الإمكانيات فيه وأما أنتم فهنيئا ً شهركم ، وطابت أيامكم بكل خير .. والسلام .