آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-08:12ص

من وحي المتنبي(1)}

الأحد - 05 مارس 2023 - الساعة 02:42 م

جلال ناصر المارمي
بقلم: جلال ناصر المارمي
- ارشيف الكاتب


 

لطالما كان شعر أبي الطيب المتنبي  عندي أثيرا و لطالما غرس شعره في نفوس المتذوقين تأثيرا قل أم كثر و صغر أم كبر حتى كاد لا يختلف في ذلك مادح و قادح و موافق و مفارق.

و من عيون قصائده و فرائد قلائده قصيدته العصماء التي أسمعت الآذان الصماء-و حق لها أن تكون كذلك أفليس هو القائل مفتخرا بشعره و شعوره مفاخرا بقوافيه و بحوره: 
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي...و أسمعت كلماتي من به صممُ؟!-التي يقول في مطلعها: 
على قدر أهل العزم تأتي العزائم...و تأتي على قدر الكرام المكارمُ

و التي تفنن فيها حتى بزّ كثيرا ممن سبقوه و أتعب كل من لحقوه.

و قد نسجت على منوالها و أين نوالي من نوالها و حذوت على أمثالها و أين آمالي من مآلها و لكنها نفثة مصدور أبت إلا الظهور في أسمال بالية من السطور ظاهرة العلل و القصور و خللها منظور غير مستور.
و هي خاطرة مثقل مقل و بالشعر و بحوره مخل.
فخذ ما أتاك عفواً و عدّ الخلل سهواً فكل سهو رفع عنه العتاب كما في محكم التنزيل و الكتاب.

فهاكم شعري و شعوري و نفثة صدري في سطوري و إليكم اعتذاري عن قصوري:  


عَلى قَدْرِ أَهْلِ الهَزْمِ تَأْتِي الهَزَائِمُ…وَ تَأْتِي عَلى قَدْرِ اللِّئَامِ اللَّوَائِمُ

وَ تَفْنَى فِيْ نَهْجِ الصِّغِيْرِ كِبَارُهَا…وَ تَكْثُرُ فِيْ نَهْجِ الذَّلِيْلِ العَظَائِمُ

يُدَمِّرُ حَيْفُ الدَّوْلَةِ الجَيْشَ هَمَّهُ…وَ قَدْ شَمَخَتْ عَلَيْهِ العَبِيْدُ الحُثَارِمُ

وَ يَسْأَلُ عِنْدَ القَوْمِ مَالاً لِنَفْسِهِ…وَ ذَلِكَ مَا فَعَلَتْ فِيْهِ الدَّرَاهِمُ

يُفدِّيْ أَضَرُّ النَّاسِ عَمَلاً فَسَادَهُ…لُصُوْصُ المَلاْ أَحْدَاثُهَا وَ القَشَاعِمُ

وَ مَا ضَرَّهَا وَ الشَّرُّ غَيْرُ مُغَالَبٍ…وَ قَدْ حَكَمَتْ أَشْيَاعُهُ وَ القَمَائِمُ

هَلِ البَلَدُ المَنْكُوْبُ يَخَفَى أَمْرُهُ…وَ مَا فَعَلَتْ فِيْهِ الطُّغَاةُ الرَّمَائِمُ

سَلَبَهَا حُفَاةُ الذُّلِّ ِِفِيْ وَقْتِ سِلْمِهَا…وَ فِيْ حَرْبِهَا فَرُّوا فَدَتْهَا الجَمَاجِمُ

بَنُوْهَا يَخُوْضُوْنَ المَنَايَا أَعِزَّةً…وَ مَوْجُ الخَزَايَا حَوْلَهُمْ مُتَلاطِمُ

وَ كَانَ بِهَاْ كُلُّ الفُنُوْنِ فَأَقْحَلَتْ…وَ مِنْ رِمَمِ النَّتْنَى  غَزَتْهَا البَهَائِمُ

وَ كَيْفَ تُرَجِّي العُرْبُ وَ العُجْمُ هَدْمَهَا…وَ ذَاْ الدِّيْنُ آسَاسٌ لَهَا وَ دَعَائِمُ

وَ قَدْ حَكَمُوْهَا وَ الرَّزَايَا حَوَاكِمٌ…فَمَا ذَلَّ مَظْلُوْمٌ وَ مَا عَزَّ ظَاْلِمُ

فَلِلَّهِ وَقْتٌ أَظْهَرَ الحَقُّ نُوْرَهُ…فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا صَادِعٌ أَوْ مُلَائِمُ

فَيَصْدَعُ مَا لَا يَقْبَلُ النَّاسُ وَ المَلاْ…وَ خَرَّ مِنَ الأَحْمَالِ مَنْ لَا يُصَادِمُ

صَدَعْتُ وَ مَا ضَرَّ الحَقَائِقَ وَاجِفٌ…كَأَنَّمَا فِيْ حِضْنِ الهَوَى هُوَ نَائِمُ

وَ مَنْ طَلَبَ الأَمْرَ الجَلِيْلَ فِإِنَّمَا…مَفَاتِيْحُهُ جِدٌّ وَ إِخْلاصٌ وَ تِلْكَ الحَوَاسِمُ

هَنِيْئَاً لِرَفْعِ الهَامِ وَ المَجْدِ وَ العُلى…فَمَا دُمْتَ فِيْ ذَاْ السَّيْرِ إِنَّكَ غَانِمُ

🖋️أبو الحسن جلال بن ناصر المارمي.