آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-11:23ص

الوهم المُدمِر

الجمعة - 17 فبراير 2023 - الساعة 09:01 ص

محمد سالم بارمادة
بقلم: محمد سالم بارمادة
- ارشيف الكاتب


يقع كثير من الأفراد والأمم في وهم الانتصار، ويضلُّون الطريق إلى الجادة، ويسيرون بخطى سريعة إلى الخديعة والفشل الذريع في كل شيء، وهؤلاء للأسف في أمتنا جمٌّ غفيرٌ، وخَلْقٌ كثيرٌ، تتبدَّل بسوء نية أو ببلاهة في عقولهم وأفئدتهم الأمور والوقائع، وتغيَّم أمام أنظارهم الحقائق، فيسيرون في ضبابية خداعة يفرضونها على الناس فرضًا بصلفٍ وتسطيحٍ عجيبٍ يدعو إلى الرثاء. 

إن من أخطر ما يقوم به بائعي الأوهام هو غزو عُقول المغرر بهم من الناس البسطاء ، فيحاولُون تشكيل عُقولهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، وتحريكهم وتوجيههم والسيطرة على تفكيرهم ، بِبيع الأوهام والتضليل والكذب ، وفصل هؤلاء الناس عن الواقع الأليم الذي يُمثل احتجاجاتهم ومطالباتهم ، وهذه واحدة من درجات ما يمكن تسمِيتهُ بغسيل المُخ الجماعي لبعض الناس المغرر بهم ، أو تزييف الوعي لديهم ، فيتراكم التضليل وبيع الأوهام . 

في وطننا الحبيب اليمن كثيرة هي السبل والوسائل التي تُباع بها الأحلام والأوهام للمواطن البسيط، فكم من حلم ووهم باعهُ سياسيو الغفلة للناس مُنذ انقلاب المليشيات الحوثية الإيرانية على شرعية الوطن, حتى أصبح بيع الوهم مثل اللعبة التي يدمنها الأطفال, وأصبحت من لوازمهُم, وصاروا يملئون الدنيا بشعارات رنانة جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع , ويسبحُونً بِخيالِهم مُمنِين أنفسهُم بغدٍ أفضل وعيش أرغد, وفجأة تتبخر هذه الأحلام والأوهام , لان التاريخ في نهاية الأمر يكشف لهؤلاء الناس البسطاء الحقيقة , لحظتها يكتشفون حجم الأوهام والأكاذيب التي بِيعت لهم صباح مساء وقد أصبحت سراباً . 

وكنا نسمع بعد كل هزيمة أو كارثة ثورية سيلاً من الخداع الذي يبشر بهذا النصر الوهمي "انتصرنا انتصرنا يوم ما هب الجيش وثار".. "انتصرنا ما دام القائد الديكتاتور في أمن وسلام بيننا".. إلى آخر هذه التُرَّهات والأكاذيب التي تريد أن تعمِّي على طوفان الخراب، وأمواج الفشل والكوارث التي حلَّت بالأمة . 

لا خير في من يدعون أنفسهم قادة وزعماء يعملُون على تدمير الناس وإستحمارهُم من خلال تراكم التضليل والكذب وبيع الأوهام ليتحول في النهاية إلى تسميم سياسي ، يعمل على صنع واقع مُزور ، واقع وهمي ، يبقى راسخاً في عقول الناس , ويستمر إلى أن يدمرهم ويقتل أفكارهم وطموحاتهم الخلاقة ، فيدمرون أوطانِهم بأيديهم ويُحاربون قومهم وأبناء جلدتهم، حتى أصبح الوطن يعاني من انقلابين وليس من انقلاب واحد , وهم في ذلك يحسبُون إنهم يحسنُون صنعاً وإنهم يبنون وطناً ويحققون حِلماً . 

أخيراً أقول ..  إن إتباع الهوى صارَ هو الغالب على بائعي الوهم  المُدمِر للناس , وهذا ما يريده الأعداء لتوهين الأمة وتفريق أبنائها وتباغضهم وتحاقدهم، ونسيانهم الأخوَّة ورابطة الدين والعقيدة، وإصابتهم بداءِ فساد ذات البَين، حتَّى دبَّ فيهم دبيبُ العنصريات البغيض والعنجهيات المَقيت , والله من وراء القصد .